للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومنها: الفرق بين صلاة القائم والقاعد، قال "صلاة القاعد على

النصف من صلاة القائم" (١).

- ومنها: الصلاة على النبي فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها

عشرًا (٢)، ولو زاد زيد له، وهكذا، فمن عمل عملًا دنيويًّا أو أخرويًّا استحق الأجر المقابل لذلك العمل، والأجر يتناسب مع ذلك العمل نقصًا وزيادة.

القاعدة العشرون

الأمر بعد الحظر يفيد ما أفاده قبل الحظر

مسألة الأمر بعد الحظر اختلف فيها الأصوليون، والصواب والله أعلم هو مقتضى هذه القاعدة وهو أنَّ الشرع إذا حرَّم شيئًا من الأقوال ثم أمر به فإنه يرجع بعد فك الحظر عنه إلى حكمه الأول، فإن كان قبل الحظر واجبًا فهو بعد الحظر واجب، وإن كان سنة فهو سنة، وإن كان قبل الحظر مباحًا فهو بعد الحظر مباح.

ومن فروعها:

- قوله تعالى ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ

وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)[التوبة: ٥]، فقتال المشركين كان واجبًا قبل الأشهر الحرم، ثم حرَّمه الله في الأشهر الحرم، ثم أمر به مرةً ثانية بعد انسلاخ الأشهر الحرم، فقوله " فاقتلوا " يفيد الوجوب؛ لأنه كان واجبًا قبل الحظر.

- قوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، فحرم الله تعالى الصيد البري حال الإحرام، ثم قال ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]، فأمر به بعد الإحلال، فالأمر بالصيد بعد الإحلال أمر بعد حظر، فيرجع إلى ما كان يفيده قبل الحظر وهو الإباحة؛ لأنه كان مباحًا قبل تحريمه.

- ومنها: قوله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩)[الجمعة: ٩]، فالأصل أنَّ البيع مباح، لكن حرمه الله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، ثم أمر به في قوله ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)[الجمعة: ١٠]، وهذا الأمر بالانتشار والابتغاء من فضل الله يفيد الإباحة؛


(١) أخرجه: البخاري (١١١٦)، أبوداود (٩٥١)، النسائي في سننه (١٦٥٩).
(٢) أخرجه: أبوداود (٥٢٣)، الترمذي (٤٨٥)، النسائي (٦٧٨)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي.

<<  <   >  >>