للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة المؤلف]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله ، فهو القائل " من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين " (١) فبين أنَّ الفقه والفهم دليل إرادة الخير بالعبد.

والعلم والفقه بحرٌ لا ساحل له، فلا يستطيع المجتهد أن يُرسِي سفنه على نهاية شاطئه، ويعجز عن الغوص في أعماقه لإخراج كل دُرَرِهِ ولآلِئِهِ، فمهما أخذ العالِمُ من معين العلم فإنما أوتي من العلم القليل؛ تصديقًا لقوله تعالى ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)[الإسراء: ٨٥].

ولمَّا كان علم الفقه من أوسع هذه العلوم وأشملها كان لزامًا على علماء الفقه وأربابه أن يضعوا القواعد والأصول التي تضبط مسائل علم الفقه، وتلم شمله، وتجمع شوارده، فوضع العلماء قواعد علم أصول الفقه التي تُمكِّن الفقيه من استخراج المسائل الفقهيَّة على أساس سليم، ثم وضعوا القواعد الفقهيَّة التي تجمع الأحكام المتشابهة وتضبط نظمها، وما كل ذلك إلا لأهمية هذا العلم وعظم شأنه وعلو قدره.

وما أجمل ما وصف به العلامة السيوطي علم الفقه وقواعده فقال :

"فعلم الفقه بحوره زاخرة، ورياضه ناضرة، ونجومه زاهرة، وأصوله ثابتة مقررة، وفروعه ثابتة محررة، لا يفنى بكثرة الإنفاق كنزُه، ولا يبلى على طول الزمان عزُّه، أهله قوَّام الدين وقوامه، وبهم ائتلافه وانتظامه، هم ورثة الأنبياء، وبهم يُستضاء في


(١) متفق عليه: أخرجه: البخاري (٣١١٦)، مسلم (١٠٣٧).

<<  <   >  >>