للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* الأصل براءة الذمة:

وذلك في الحقوق الشرعية وحقوق الآدميين.

ولذا لم يقبل في شغل الذمة شاهد واحد ما لم يعتضد بآخر أو اليمين، ونقل ابن المنذر

الإجماع على أنَّ البينة على المدعي (١)، وهذا دليل على أنَّ الأصل في الذمة أنها بريئة، فمن أراد اتهامها وتغيير هذا الأصل فعليه بالدليل ألا وهو البينة.

عن ابن عباس: أنَّ هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشريك بن سحماء، فقال النبي "البينة أو حد في ظهرك" (٢).

عن عمارة بن خزيمة أنَّ عمه حدثه وهو من أصحاب النبي : أنَّ النبي ابتاع فرسًا من أعرابي، واستتبعه ليقبض ثمن فرسه، فأسرع النبي وأبطأ الأعرابي، وطفق الرجال يتعرضون للأعرابي، فيسومونه بالفرس وهم لا يشعرون أنَّ النبي ابتاعه، حتى زاد بعضهم في السوم على ما ابتاعه به منه، فنادى الأعرابيُّ النبيَّ ، فقال: إن كنتَ مبتاعًا هذا الفرس وإلا بعتُه، فقام النبي حين سمع نداءه، فقال: أليس قد ابتعتُه منك؟! قال: لا والله ما بعتُكه، فقال النبي : قد ابتعتُه منك، فطفق الناس يلوذون بالنبي وبالأعرابي وهما يتراجعان، وطفق الأعرابي يقول هلم شاهدًا يشهد أني قد بعتُكه، قال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بعتَه قال: فأقبل النبي على خزيمة فقال: بم تشهد؟! قال: بتصديقك يا رسول الله، قال: فجعل رسول الله شهادة خزيمة شهادة رجلين" (٣).

وهذا يدل على أنَّ الأصل في الذمة أنها بريئة، وأنَّ البينة على المدعي؛ لذا لو


(١) الإجماع لابن المنذر (ص ٤٨).
(٢) أخرجه: البخاري (٤٧٤٧)، الترمذي (٣١٧٩)، ابن ماجه (٢٠٦٧).
(٣) أخرجه: أحمد (٥/ ٢١٥)، أبوداود (٣٦٠٧)، النسائي (٤٦٤٧)، وصححه الألباني في الإرواء (٥/ ١٢٧).

<<  <   >  >>