أماؤك طاهر أم نجس؟ فقال له عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبره؛ فإنَّ هذا ليس عليه " فنهى عمر عن إخباره لأنه تكلف من السؤال ما لم يؤمر به، وهذا قد ينبني على أصل، وهو أنَّ النجاسة إنما يثبت حكمها مع العلم (١)، فدل ذلك على أنَّ الأصل في الماء الطهارة.
* الأصل في الأرض والثياب الطهارة:
ودليل ذلك:
قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، فالمقام هنا مقام امتنان، والامتنان يقتضي أن يكون الأصل في كل ما في الأرض مباحًا وطاهرًا؛ لأنَّ الله لا يمتن بحرام؛ إذ كيف يحرمه ويمنع الناس منه ثم يمتن به، وكذلك لا يمتن بنجس؛ لأنَّ النجس لا ينتفع به، فلما امتن علينا بأنه خلق لنا كل ما في الأرض جميعًا، عُلم أنَّ كل ما في الأرض حلال ومباح وطاهر، ما لم يرد نص بالتحريم، أو بالنجاسة.
أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)﴾ [الأنعام: ١٤٥]، وقال ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، فكل هذه الأدلة تدل على أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة ولا يحرم منها إلا ما ورد النص بتحريمه.
(١) ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٨٤)، وقال "ثبت عن عمر ...... "، وأخرجه مالك في الموطأ (١/ ٩٧)، وضعفه الألباني في المشكاة (٤٨٦).