والمعنى: أنَّ العمل الذي يصححه الجميع أفضل من الذي يصح عند البعض ولا يصح عند آخرين، وذلك حيث كان الخلاف معتبرًا.
وسبب ذلك: أنَّ الخلاف شر، والاجتماع والخروج من الخلاف مما ينشر الألفة والمودة.
قال تعالى ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)﴾ [هود: ١١٨ - ١١٩]، ولذا غضب ﷺ لما رأى الصحابة تنازعوا واختلفوا في القدر، فعن أبي هريرة ﵁ قال: خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر وجهه حتى كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال أبهذا أمرتم أم بهذا أرسلتُ إليكم؟! إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر عزمتُ عليكم ألَّا تتنازعوا فيه (١).
ولما كان الخلاف شرًّا دأب عمل الصحابة والسلف على الاجتماع والوفاق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
ومن ذلك:
- عن عبدِ الرحمن بنِ يزيد، قال: صلَّى عثمان بمنى أربعًا، فقال عبدُ الله: صليتُ مع النبيِّ ﷺ ركعتين، ومَعَ أبي بكر ركعتين، ومع عُمر ركعتين - زاد
(١) أخرجه: أحمد (٢/ ١٧٨، ١٩٥)، الترمذي (٢١٣٣)، ابن ماجه (٨٥)، وقال شاكر إسناده صحيح، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي.