للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدهماء، ويُهتدى كنجوم السماء، ............... ، وهم الملوك. لا. بل الملوك تحت أقدامهم، وفي تصاريف أقوالهم وأقلامهم، وهم الذين إذا التحمت الحرب أرز الإيمان إلى أعلامهم، وهم القوم كل القوم إذا افتخر كل قبيل بأقوامهم.

بيض الوجوه كريمةٌ أحسابُهُم … شُمُّ الأُنوف من الطراز الأول

ولقد نوعوا هذا الفقه فنونًا وأنواعًا، وتطاولوا في استنباطه يدًا وباعًا، وكان من أجلِّ أنواعه معرفةُ نظائر الفروع وأشباهِها، وضم المفردات إلى أخواتها وأشكالها، ولعمري إنَّ هذا الفن لايُدرك بالتمني، ولا يُنال بسوف ولعلَّ ولو أنِّي، ولا يبلغه إلا من كشف عن ساعد الجد وشمَّر، واعتزل أهله وشد المئزر، وخاض البحار وخالط العَجَاجَ (الغبار والدخان)، ولازم الترداد إلى الأبواب في الليل الداج (الليل الذي عمت فيه الظلمة) (١).

وأبدع في ذلك أيضًا تاج الدين السبكي أيما إبداع حيث قال:

"فإنَّ العلوم وإن كانت تتعاظم شرَفًا، ................. ، فلا مرية في أنَّ الفقه واسطة عقدها ورابطة حلها وعقدها، وخالصة الرابح من نقدها، به يعرف الحلال والحرام، ويدين الخواص والعوام، ويتبين مصابيح الهدى من ظلام الضلال وضلال الظلام، قطب الشريعة وأساسها، وقلب الحقيقة التي إذا صلح صلحت ورأسها، وأهله سرات الأرض الذين لولاهم لفسدت بسيادة جهَّالها وضلت أناسها، ........ ، إن أهم ماعني به الفقيه، وجعله المدرس دأبه الذي يعيده ويبديه، وشوقه الذي يلقنه ويلقيه القيام بالقواعد، وتبيين مسالك الأنظار ومدارك المعاقد، وكيف ائتلاف النظائر، واختلاف المآخذ واجتماع الشوارد " (٢).

ولمَّا كان هذا العلم عظيم الفضل رفيع القدر أحببتُ أن يكون لي فيه سهم ونصيب، فكتبتُ هذه النبذة الموجزة، وسميتُها "الرِّسالة النَّديَّة في القواعد


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٣ - ٤) (بتصرف).
(٢) الأشباه والنظائر للسبكي (ص ١٢ - ١٥) (بتصرف).

<<  <   >  >>