فكل أمر يأمر الله تعالى به لا بد أن يكون لحكمة بالغة، وأن تكون له مصلحة ومنفعة في الدنيا والآخرة، وكل نَهْي نَهَى عنه وزجر، فإنما هو لدفع مفسدته وضرره في الدنيا والآخرة، وإن تتبعنا المصالح التي دل الشرع عليها، والمفاسد التي درأها نجدها لا تكاد تُحصى، ونأخذ لذلك بعض الأمثلة.
* من ذلك توحيد الله تعالى وعبادته: فمنافعه لا تكاد تُحصى في الدنيا والآخرة؛ حيث إنَّ كل مصلحة في الدنيا والآخرة هي من ثمرات هذا التوحيد.
- ومن هذه المصالح: انشراح الصدور وصلاحها، وزوال آفاتها وأدرانها، ونيل السعادة في الدارين، يقول تعالى ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٩)﴾ [الزمر: ٢٩]، وهذامثل يضربه الله تعالى لعبدٍ مملوكٍ لسيدٍ واحدٍ يفعل ما يأمره به سيده، فهدفه واحد وهو إرضاء سيده، ومصدر تلقيه للأوامر واحد وهو سيده، وسيده يرضى منه بالقليل ويغفر له الزلل الكبير، ورجل آخر عند شركاء متشاكسين كل واحد منهم يأمر بأمر والآخر بخلافه، فهو متحير بينهم، فلا هو يستطيع الإبقاء على نفسه، ولا هو يستطيع إرضاءهم جميعًا، فهو في كد وتعب بدون رضا لأسياده عنه.
- إنَّ الله تعالى هو الذي خلق الإنسان وهو وحده يعلم ما يصلحه، وهناك فرق بين أن تعبد غنيًّا عنك وأنت فقير محتاج إليه، وأن تعبد فقيرًا يحتاج إليك؛ لأنَّ الفقير المحتاج إن أعطاك شيئًا يعطيك على قدر ما تعطيه، أما الغني يعطيك على قدره سبحانه لأنه غني واسع الفضل والكرم.
- ومن المصالح العظيمة المترتبة على التزام أمر الله تعالى وتوحيده محبة الناس:
فعبادة العبد لله ومراقبته في الخلوات يجلب للعبد محبة الناس، وقد لا يعلم الناس سر ذلك، فمثلها كمثل الرائحة الطيبة التي يجدها الناس ولا يعلمون من أين أتت، وسُمِّي الإنسان إنسانًا لحبه الأنس، وأمتع ما يكون الأنس بالمؤمنين، ولا