للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاعدة " تزاحم الواجبات"، "تزاحم الواجب مع السنة".

قال ابن تيمية "والشرع دائمًا يرجح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ويدفع شر الشرين بالتزام أدناهما" (١).

وقد يكون هذا العمل مفضولًا في ذاته لكنه يفضل عند التزاحم، فهناك أعمال فاضلة في ذاتها

، ولكن هذا العمل الفاضل في ذاته ليس معناه أن يكون فاضلًا بالنسبة لكل شخص أو بالنسبة لكل زمن.

مثال: القرآن في ذاته أفضل الذكر، ولكن عند دخول الخلاء أفضل الذكر للعبد أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، عن أنس قال: كان النبي إذا دخل الخلاء قال "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" (٢).

فمع أنه مفضول بالنسبة للقرآن لكنه بالنسبة لهذا المكان صار فاضلًا.

مثال آخر: تقديم إمام مفضول على آخر فاضل؛ لأنَّ هذا المفضول قد يكون مقبولًا عند الناس، وقد يخمد تقديمه فتنة معينة، فيكون تقديمه ليس لفضله في ذاته وإنما لعارض.

يقول الإمام أحمد : " لما سئل عن بعض الأعمال؟ قال: انظر إلى ماهو أصلح لقلبك فافعله " (٣)، وهذا أمر واقع وملحوظ، تجد بعض الناس يؤثر فيه الصيام، والبعض يؤثر فيه القيام، والبعض يتأثر بطلب العلم، فكل إنسان يأخذ الأصلح له، وإن كان مفضولًا في ذاته.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (مج ٢٣ ص ١٨٢).
(٢) متفق عليه: أخرجه: البخاري (١٤٢)، مسلم (٣٧٥).
(٣) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (١/ ٩٢).

<<  <   >  >>