للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث المشركون عتبة بن ربيعة ليعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمورًا لعله يقبل بعضها فتعطَى من أمور الدنيا ما يريد.

فجاء عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة (١) في العشيرة، والمكان في النسب،، إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرَّقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل يا أبا الوليد أسمع "، قال: يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. . . حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه، قال: " أقد فرغت يا أبا الوليد؟ " قال: نعم، قال: "فاستمع مني"، قال: افعل، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ - بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ - وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: ١ - ٥] (٢). ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عَليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليها يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد، ثم


(١) يعني. المنزلة الرفيعة. انظر. المصباح المنير، مادة "سطا "، ص ٢٧٦، والقاموس المحيط، باب الواو، فصل السين، ص١٦٧٠.
(٢) سورة فصلت الآيات ١ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>