للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا". قال: فأنزل الله- عز وجل-: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: ٦] إلى آخر السورة.» (١).

وقد عصم الله النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطاغية ومن غيره، وصبر على هذا الأذى العظيم ابتغاء وجه الله- تعالى-، فضحى بنفسه وماله ووقته في سبيل الله تعالى.

٤ - ومما أُصيبَ به محمد صلى الله عليه وسلم من الأذى بتحريض هذا الطاغية ما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا (٢) جزور بني فلان فيأخذه فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم (٣) فأخذه، فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا أنظر، لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضىَ النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثَا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، ثم قال: "اللهم عليك بقريش " ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: "اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط "، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم


(١) أخرجه مسلم في كتاب المنافقين، باب قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىأَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٤/ ٢١٥٤، وانظر: شرخ النووي ١٧/ ١٤٠.
(٢) السلا، هو. اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة. انظر: شرح النووي١٢/ ١٥١.
(٣) هو عقبة بن أبي مُعيط، كما صرح به في رواية لمسلم في صحيحه ٣/ ١٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>