للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قرر المشركون ألا يألوا جهدًا في محاربة الإِسلام وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن دخل معه في الإِسلام، والتعرض لهم بألوان النكال والإيلام.

ومنذ جهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته إلى الله، وبين أباطيل الجاهلية، انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وظلت عشرة أعوام تعد المسلمين عصاة ثائرين فزلزلت الأرض من تحت أقدامهم، واستباحت في الحرم الآمن دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وصاحبت هذه النار المشتعلة حرب من السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب، وتشويه تعاليم الإِسلام، وإثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة، ومعارضة القرآن، والقول بأنه أساطير الأولين، ومحاولة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم عامًا، ويعبدون الله عامًا! إلى غير ذلك من مفاوضاتهم المضحكة!

واتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون، والسحر، والكذب والكهانة، والنبي صلى الله عليه وسلم ثابت صابر محتسب يرجو من الله النصر لدينه، وإظهاره (١) لقد نال المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم ينالوه من كثير من المؤمنين، فهذا أبو جهل يعتدي على النبي صلى الله عليه وسلم ليعفر وجهه في التراب، ولكن الله حماه منه، ورد كيده في نحره، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: «قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: قيل: نعم. فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم (٢) منه إلا وهو ينكص على عقبيه (٣) ويتقي بيديه، قال: فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار، وهولًا، وأجنحة، فقال


(١) انظر. فقه السيرة لمحمد الغزالي ص١٠٦، والرحيق المختوم ص٨٠، ٨٢، والتاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر ٢/ ٨٥، ٨٨، ٩١، ٩٣، ٩٤، وهذا الحبيب يا محب ص١١٠.
(٢) ويقال أيضا: فجأهم، أي: بغتهم. انظر: شرح النووي١٧/ ١٤٠.
(٣) يرجع يمشي إلى ورائه. انظر: المرجع السابق ١٧/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>