للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرحامنا، وقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل» (١) وذكر ابن حجر أن ابن منده روى بإسناده عن ابن عباس قصة إسلام ثمامة ورجوعه إلى اليمامة، ومنعه عن قريش الميرة، وَنزول قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: ٧٦] (٢) وقد ثبت ثمامة على إسلامه لما ارتد أهل اليمامة، وارتحل هو ومن أطاعه من قومه، فلحقوا بالعلاء بن الحضرمي، فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين (٣).

الله أكبر، ما أحكم النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم. وما أعظمه من موقف، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتألف القلوب، ويلاطف من يرجى إسلامه من الأشراف الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير.

وهكذا ينبغي للدعاة إلى الله- عز وجل- أن يعظموا أمر العفو عن المسيء، لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبًّا في ساعة واحدة؛ لما أسداه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من العفو والمنّ بغير مقابل، وقد ظهر لهذا العفو الأثر الكبير في حياة ثمامة، وفي ثباته على الإسلام ودعوته إليه (٤).


(١) سيرة ابن هشام ٤/ ٣١٧. بتصرف يسير، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨/ ٨٨.

(٢) سورة المؤمنون، الآية ٧٦. وقال ابن حجر عن هذا الأثر: إسناده حسن. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ١/ ٢٥٣.
(٣) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ١/ ٢٠٣ وهناك أبيات شعرية له - رضي الله عنه - تدل على تأثره بعفوه صلى الله عليه وسلم.
(٤) انظر. شرح النووي على مسلم١٢/ ٨٩، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>