للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي أراد قتله: روى البخاري ومسلم، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قال: غزونا مع رسول صلى الله عليه غزوة قِبَل نجد (١) فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا (٢) في يده، فقال لي، من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت الله، قال: فشام السيف (٣) فها هو ذا جالس»، ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤) الله أكبر، ما أعظم هذا الخلق! وما أكبر أثره في النفس! أعرابي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعصمه الله منه، ويمكِّنه من القدرة على قتله، ثم يعفو عنه! إن هذا لخلق عظيم، وصدق الله العظيم إذ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] (٥) وهذا الخلق الحكيم قد أثر في حياة الرجل، وأسلم بعد ذلك، فاهتدى به خلق كثير (٦).


(١) وقع في رواية البخاري التصريح باسمها " ذات الرقاع"، انظر: البخاري مع الفتح ٧/ ٤٢٦.
(٢) والسيف صلتا: أي مسلولا. انظر: شرح النووي ١٥/ ٤٥.
(٣) شام السيف: أي رده في غمده. انظر: المرجع السابق١٥/ ٤٥.
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، ٦/ ٩٦، ٩٧، وكتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع، ٧/ ٤٢٦، ومسلم، واللفظ له، كتاب الفضائل، باب توكله على الله- تعالى-، وعصمة الله- تعالى- له من الناس، ٤/ ١٧٨٦، ١/ ٥٧٦، وأحمد ٣/ ٣١١، ٣٦٤. وانظر: الأخلاق الإسلامية وأسسي للميداني فقد ذكر رواية مطولة عزاها لأب بكر الإسماعيلي في صحيحه ٢/ ٣٣٥.

(٥) سورة القلم، الآية ٤.
(٦) انظر: فتح الباري٧/ ٤٢٨، وشرح النووي على مسلم ١٥/ ٤٤، وذكر ابن حجر والنووي في هذا الموضع أن اسم الأعرابي: غورث بن الحارث، بل ذكره البخاري في صحيحه برقم ٤١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>