للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاختبره بهذه الحادثة فوجده كما وُصِفَ، فأسلم وآمن وصدق، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشاهده، واستشهد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر (١) فقد أقام محمد صلى الله عليه وسلم براهين عديدة من أخلاقه على صدقه، وأن ما يدعو إليه حق.

٤ - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في المسجد: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: «بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَه مَه (٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرموه (٣) دعوه "، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن "، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه (٤) عليه» (٥). وقد ثبت في البخاري وغيره أن هذا الرجل هو الذي قال: «اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا»، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة:


(١) الإصابة في تمييز الصاحبة ١/ ٥٦٦.
(٢) مه: كلمة زجر، وهو اسم مبني على السكون، معناه: اسكت. وقيل: أصلها: ما هذا؟ انظر: شرح النووي ٣/ ١٩٣.
(٣) لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع. انظر: المرجع السابق ٣/ ١٩٠.
(٤) شنه: أي صبه عليه. انظر. المرجع السابق٣/ ١٩٣.
(٥) أخرجه مسلم بلفظه في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها ١/ ٢٣٦، والبخاري مع الفتح بمعناه مختصرا في كتاب الوضوء باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعراب حتى فرغ من بوله في المسجد ١/ ٣٢٢، وروايات بول الأعرابي في البخاري في عدة مواضع١/ ٢٢٣، ١٠/ ٤٤٩، ١٠/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>