للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من أعظم الحكم العالية، فقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم هذه المصالح، وما يقابلها من المفاسد، ورسم صلى الله عليه وسلم لأمته والدعاة من بعده كيفية الرفق بالجاهل، وتعليمه ما. يلزمه من غير تعنيف، ولا سبٍّ ولا إيذاء ولا تشديد، إذا لم يكن ذلك منه عنادًا ولا استخفافًا، وقد كان لهذا الاستئلاف والرحمة والرفق الأثر الكبير في حياة هذا الأعرابي وغيره، فقد قال بعد أن فقه- كما تقدم- في رواية الإمام أحمد: فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليّ بأبي وأمي، فلم يسبّ، ولم يؤنّب، ولم يضرب (١) قد أثر هذا الخلق العظيم في حياة الرجل (٢) ٥ - موقفه صلى الله عليه وسلم مع معاوية بن الحكم: عن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه- قال: «بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إليّ؟، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني (٣) ولا ضربني ولا شتمني، قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القران "، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة، باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل ١/ ١٧٥، وتقدم تخريجه عند أحمد.
(٢) انظر: فتح الباري١/ ٣٢٥، وشرح النووي٣/ ١٩١، وعون المعبود شرح سنن أبي داود٢/ ٣٩، وتحفة الأحوذي، شرح سنن الترمذي ١/ ٤٥٧.

(٣) ما كهرني: أي ما قهرني ولا ضرني. انظر: شرح النووي ٥/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>