للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني إن شئتِ فكلي أو لا تأكلي. فلما رأت ذلك أكلت (١).

قال سعد - رضي الله عنه -: نزلت هذه الآية في: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] (٢) وقد جعل الله سعدًا مستجاب الدعوة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم استجب لسعد إذا دعاك» (٣). ولم يقتصر الأمر على الرجال بل للنساء مواقف حكيمة.

٨ - ومن ذلك ما فعلته رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة، أم المؤمنين - رضي الله عنهما -، وذلك أن أباها قدم من مكة إلى المدينة يريد أن يزيد في الهدنة بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما دخل على بنته أم حبيبة - رضي الله عنها - وذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه، فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤ نجس مشرك، فقال: والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر (٤) قلت: والله لم يصبها إلا قوة الإِيمان ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقدَّمت محبة الله ورسوله على محبة والدها المشرك ولم ترضَ أن يجلس المشرك على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضي الله عن أم المؤمنين، فإنها لم تأخذها في الله لومة لائم، وهذا من أعظم الحكم.

والصحابة - رضي الله عنهم جميعًا - رجالَاَ ونساءً، كانت أعمالهم


(١) انظر: صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل سعد بن أبي وقاص ٤/ ١٨٧٧ مختصرًا بمعناه، وأحمد ١/ ١٨١ - ١٨٢، والترمذي ٥/ ٣٤١، وانظر: سير أعلام النبلاء ١/ ١٠٩.
(٢) سورة لقمان، الآية ١٥.
(٣) الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ٥/ ٦٤٩، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ٤٩٨، وسند. صحيح. انظر: سير أعلام النبلاء ١/ ١١١.
(٤) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ٤/ ٣٠٦ وعزاه بإسناده إلى ابن سعد. وانظر أيضًا التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر ٣/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>