للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحياتهم، ومماتهم لله لا يريدون، ولا يرغبون إلا ما يرضيه - تعالى - حتى ولو كان ذلك ببذل أحبّ الأشياء إليهم.

٩ - ومما يدل على ذلك ما فعله أنس بن النضر الأنصاري عم أنس بن مالك رضي الله عنهما.

عن أنس - رضي الله عنه - قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليريَنّ الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليِك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: أي سعد والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فقاتلهم حتى قتل. قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بضع وثمانون جراحة: من بين ضربة بسيف وطعنة برمح، ورمية بسهم وقد مَثَّلوا به، فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه. ونزلت هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٢٣] (١). قال فكنا نقول: نزلت هذه الآية فيه وفي أصحابه (٢) ١٠ - كما يدل على رغبتهم فيما عند الله ما فعل عُمير بنُ الحُمَام في بدر حينما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «قومُوا إلى جَنَّة عرضُهَا السّماوات والأرضُ " فقال: يا رسول الله جنة عرضها السّماوات


(١) سورة الأحزاب، الآية ٢٣.
(٢) البخاري مع الفتح في كتاب الجهاد باب قول الله - عز وجل - مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَه وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. ٦/ ٢١، ٧/ ٣٥٤. وانظر: البخاري مع الفتح ٨/ ٥١٨، والبداية والنهاية ٤/ ٣١ - ٣٤، والإصابة في تمييز الصحابة ١/ ٧٤، وهذا الحبيب يا محب ص ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>