للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدل على معنى حقيقي نؤمن به ونثبته لله كما يليق بجلاله (١).

٢ - من مواقفه الحكيمة ما ردّ به على بعض العُبَّاد حينما كتب إليه يعظه ويحضه على الانفراد والعزلة عن الناس، ويحضه على العمل، فكتب إليه مالك: " إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فربّ رجل فُتحَ له في الصلاة ولم يُفتَحْ له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فُتحَ لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر " (٢).

وهذا الرد الحكيم المسدد مما يدل على فقه الإِمام مالك وحكمته، فإن نشر العلم خير أعمال البر، وأفضل من نوافل الصلاة والصوم والصدقة وغير ذلك من نوافل العبادات، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله» (٣).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» (٤).

فرحم الله مالكًا فقد نطق بالحكمة، وطبق ما كان يقوله ويُرغِّبُ فيه الناس، فكان هو أولى به حيث قال: " بلغني أنه ما زهد أحد في الدنيا واتقى إلا نطق بالحكمة " (٥).


(١) انظر: فتاوى ابن تيمية ٥/ ٥ - ١٢١.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ٨/ ١١٤.
(٣) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله ٣/ ١٥٠٦.
(٤) البخاري مع الفتح ٧/ ٤٧٦، ومسلم ٤/ ١٨٧١، وتقدم تخريجه.
(٥) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ٨/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>