للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الستور، ويطاف به، ويُسَلِّم ويُقَبِّل، ويذبح عنده، ثم ينقلهم من ذلك إلى مرتبة رابعة: وهي دعاء الناس إلى عبادته واتخاذه عيدًا، ثم ينقلهم إلي أن من نهى عن ذلك فقد تَنَقَّص أهل هذه الرتب العالية من الأنبياء والصالحين، وعند ذلك يغضبون (١).

ولهذا حذر الله عباده من الغلو في الدين، والإفراط بالتعظيم بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ورفع المخلوق عن منزلته التي أنزله الله -تعالى-، كما قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١] (٢) ولهذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإطراء فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله» (٣) وقال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (٤).

وحذر صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور؛ لأن عبادة الله عند قبور الصالحين وسيلة إلى عبادتهم، ولهذا لما ذكرت أم حبيبة وأم سلمة -رضي الله عنهما- لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة في الحبشة فيها تصاوير قال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بَنَوْا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة" (٥).


(١) انظر: تفسير الطبري ٢٩/ ٦٢، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص٢٤٦.
(٢) سورة النساء، الآية ١٧١.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: واذكر في الكتاب مريم. . . ٦/ ٤٧٨، ١٢/ ١٤٤، وانظر شرحه في الفتح ١٢/ ١٤٩.
(٤) النسائي، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى ٥/ ٢٦٨، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي ٢/ ١٠٠٨، وأحمد ١/ ٣٤٧.
(٥) البخاري مع الفتح، كتاب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد ١/ ٥٢٣، ٣/ ٢٠٨، ٧/ ١٨٧، وأخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . ١/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>