للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل في هذا النهي شدّ الرحال لزيارة القبور والمشاهد، وهو الذي فهمه الصحابة -رضي الله عنهم- من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا عندما أبو هريرة -رضي الله عنه- إلى الطور، فلقيه بصرة بن أبي بصرة الغفاري، فقال: من أين جئت؟ قال: من الطور. فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد». . . " (١).

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد اتفق الأئمة على أنه لو نذر أن يسافر إلى قبره صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والصالحين لم يكن عليه أن يوفي بنذره، بل ينهى عن ذلك" (٢).

فتبين أن زيارة القبور نوعان:

النوع الأول: زيارة شرعية يقصد بها السلام عليهم والدعاء لهم كما يقصد الصلاة على أحدهم إذا مات صلاة الجنازة، ولتذكر الموت، بشرط عدم شدِّ الرحال؟ ولا تباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

النوع الثاني: زيارة شركية وبدعية (٣) وهذا النوع ثلاثة أنواع:

١ - من يسأل الميت حاجته، وهؤلاء من جنس عُبَّاد الأصنام.

٢ - من سأل الله -تعالى- بالميت، كمن يقول: أتوسل إليك بنبيك، أو بحق الشيخ فلان، وهذا من البدع المحدثة في الإسلام، ولا يصل إلى الشرك الأكبر، فهو لا يُخْرِج عن الإسلام كما يخرج الأول.


(١) النسائي، كتاب الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ٣/ ١١٤، ومالك في الموطأ، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة ١/ ١٠٩، وأحمد في المسند ٦/ ٧، ٣٩٧، وانظر: فتح المجيد ص٢٨٩، وصحيح النسائي، ١/ ٣٠٩.
(٢) انظر: فتاوى ابن تيمية ١/ ٢٣٤.
(٣) انظر: فتاوى ابن تيمية ١/ ٢٣٣، والبداية والنهاية ١٤/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>