للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية لجميع الشرائع السابقة (١) فيكون الرد عليهم بالقول الحكيم كالآتي:

أولا: الأدلة العقلية: ١ - ليس هنالك محظور في النسخ عقلا، وكل ما لم يترتب عليه محظور كان جائرا عقلا، فالنسخ جائز عقلا.

٢ - الله -تعالى- يأمر بالشيء على قدر ما تقتضيه المصلحة، فقد يأمر بالشيء في وقت، وينهى عنه في وقت آخر؛ لأنه -سبحانه- أعلم بمصالح عباده، والطبيب الحكيم يأمر المريض بشرب الدواء، أو استعمال دواء خاص في بعض الأزمنة وينهاه عنه في زمن آخر؛ بسبب اختلاف مصلحته عند اختلاف مزاجه، والملك الذي يشفق على رعيته ينقلهم في بعض الأزمنة إلى نوع من السياسة غير النوع الأول، لما في ذلك من المصالح، وقد يسوس الوالد الحكيم ولده في وقت باللطف، وفي وقت آخر بالتأديب، على قدر ما يرى في ذلك من المصلحة (٢) والله -عز وجل- {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: ٢٧] (٣) وهو سبحانه لا يفعل شيئا إلا لحكمة بالغة، فهو يحيي ثم يميت ثم يحيي، وينقل الدولة


(١) ثم افترق اليهود والنصارى إلى ثلاث طوائف:
(أ) طائفة الشمعونية من اليهود، قالوا: النسخ ممتنع عقلا وسمعا، وعلى هذا القول إجماع النصارى المتأخرين.
(ب) وطائفة العنانية من اليهود، قالوا: النسخ جائز عقلا، لكنه لم يقع سمعا، فهو ممتنع.
(جـ) طائفة العيسوية من اليهود، قالوا: النسخ جائز عقلا وواقع سمعا، إلا أن الشريعة الإسلامية لم تنسخ ما قبلها من الشرائع، وإنما هي للعرب خاصة، وعلى هذا القول إجماع النصارى المتقدمين. انظر: مناهل العرفان للزرقاني ١/ ٨٢، ٨٣.
(٢) انظر: الداعي إلى الإسلام، لكمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي المتوفى سنة ٥٧٧هـ، ص٣١٩، ومناهل العرفان للزرقاني ٢/ ٨٣.
(٣) سورة الروم، الآية ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>