للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قوم أعزة إلى أذلة، ومن قوم أذلة إلى أعزة، ويعطي من شاء ما شاء، ويمنع من شاء (١) {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] (٢).

٣ - يلزم من يقول بوقوع النسخ سمعا وجوازه عقلا أنهم ماداموا يجوزون أن يأمر الشارع عباده بأمر مؤقت ينتهي بانتهاء وقته، وقد وقع ذلك سمعا، فليجوزوا نسخ الشريعة الإسلامية للأديان السابقة (٣).

ثانيا: الأدلة النقلية السمعية، وهي نوعان: النوع الأول: ما تقوم به الحجة على منكري النسخ من اليهود والنصارى الذين لم يعترفوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.

النوع الثاني: ما تقوم به الحجة على من آمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنهم قالوا: إنها خاصة بالعرب (٤).

النوع الأول: تقوم الحجة على من أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مطلقا بالأدلة الواردة في التوراة والإنجيل، والداعية المسلم إذ يورد الأدلة من كتبهم لا يعتقد أن هذه النصوص كما أنزلت، بل يحتمل أن تكون مما وقع عليه التحريف والتغيير، فإن اليهود والنصارى قد غيروا وبدلوا كثيرا من كتبهم، ولكن المسلم يقيم عليهم الحجة بما بين أيديهم من التوراة والإنجيل (٥) لا


(١) انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ١/ ١٨٠.
(٢) سورة الأنبياء، الآية ٢٣.
(٣) انظر: مناهل العرفان ٢/ ٨٦.
(٤) انظر: درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية ٧/ ٢٧.
(٥) تنقسم أخبار كتب اليهود والنصارى إلى ثلاثة أقسام:
(أ) ما علم صحته بنقله عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا صحيحا، أو كان له شاهد صحيح من الشرع يؤيده، فهذا القسم صحيح مقبول.
(ب) ما علم كذبه لكونه يناقض ما عرف من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، أو لا يتفق مع العقل الصحيح، وهذا القسم لا يصح قبوله ولا روايته.
(جـ) ما هو مسكوت عنه، وليس من النوع الأول ولا الثاني، وهذا القسم يتوقف عنه المسلم فلا = = يصدقه ولا يكذبه، ويجوز حكايته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل. . "، البخاري مع الفتح ٨/ ١٧٠، ١٣/ ١١٦، وقوله صلى الله عليه وسلم: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. . " في البخاري مع الفتح ٦/ ٤٩٦، وانظر: التفسير والمفسرون للذهبي ١/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>