للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، المهيمن على ما سبقه من الكتب المصدق لها، فقد سجل التحريف وأثبته على أهل الكتاب، ونسب إليهم أنواعا من تحريفهم للتوراة، كالتالي:

النوع الأول: إلباس الحق بالباطل: كان بنو إسرائيل يخلطون الحق بالباطل، بحيث لا يتميز الحق من الباطل، وقد سجل القرآن الكريم هذا الجرم عليهم، قال سبحانه: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ - وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ - وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ٤٠ - ٤٢] الآية (١) وقال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عمران: ٧١] الآية (٢).

ومن أبلغ الصور وأقبحها في إلباس الحق ادعاء الكهنة والأحبار في التوراة التي بأيديهم أن هارون صلى الله عليه وسلم هو الذي جمع الذهب من بني إسرائيل، واشترك معهم في صناعة العجل الذهبي، ووافقهم على عبادته من دون الله تعالى، وفي الوقت نفسه يبرئون السامري.

فهارون الذي تحمل المشاق صلى الله عليه وسلم في سبيل إقرار فرعون بالتوحيد، جعلوه داعية إلى الشرك والكفر، ولكن القرآن الكريم كان لهذه الدعوى بالمرصاد، فكذبهم، وبين حقيقة الأمر (٣) قال تعالى: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ - فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} [طه: ٨٧ - ٨٨]


(١) سورة البقرة، الآيات ٤٠ - ٤٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية ٧١.
(٣) انظر: الفصل لابن حزم ١/ ٢٥٦، وهداية الحيارى لابن القيم ص ٥٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>