للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأحكام التي أخفاها اليهود حكم رجم الزاني المحصن، فقد «جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا، فقال لهم: " كيف تفعلون بمن زنى منكم؟ ". قالوا: نحممهما ونضربهما. فقال: " لا تجدون في التوراة الرجم؟ ". فقالوا: لا نجد فيها شيئا. فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فوضع مدارسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها، ولا يقرأ آية الرجم، فنزع يده (١) عن آية الرجم، فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما». . . الحديث (٢).

ولهذا قال سبحانه:. . {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: ٤١] إلى قوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٤٣] (٣) وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣] (٤).

فأنكر سبحانه على أهل الكتاب المتمسكين فيما يزعمون بكتابيهم: التوراة والإنجيل، وإذا دعوا إلى التحاكم إلى ما فيهما من طاعة الله فيما أمرهم به فيهما من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم تولوا وهم معرضون عنهما، وهذا في غاية ما يكون من ذمهم (٥).


(١) وفي رواية أخرى للبخاري: فقال عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم. انظر: البخاري مع الفتح ٢/ ١٦٦.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة آل عمران، باب: " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ". ٨/ ٢٢٤، ١٢/ ١٦٦، ١٣/ ٥١٦.
(٣) سورة المائدة الآيات ٤١ - ٤٣.
(٤) سورة آل عمران، الآية ٢٣.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٣٥٦، وأضواء البيان للشنقيطي ٢/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>