للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - النصارى تلقوا عقيدة التثليث عن أصحاب المجامع: إن المصادر النصرانية الموثوق فيها لا تملك سوى الإقرار بأن دعوة عيسى صلى الله عليه وسلم كانت توحيد الله الخالص من الشرك، إلى بداية القرن الرابع الميلادي (١) وذلك أن الله - عز وجل- بعث عبده ورسوله عيسى ابن مريم إلى بني إسرائيل، فجدد لهم الدين، وصدق لما بين يديه من التوراة، وأحل لهم بعض الذي حرم عليهم، ودعاهم إلى عبادة الله وحده، فعادوه وكذبوه، ورموه وأمه بالعظائم، وأرادوا قتله، فطهره الله - تعالى- منهم، ورفعه إليه، ولم يصلوا إليه بسوء، وأقام الله- تعالى- للمسيح أنصارا دعوا إلى دينه وشريعته حتى ظهر دينه على من خالفه، ودخل فيه الملوك، واستقام الأمر على السداد بعده نحو ثلاثمائة سنة، ثم أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير، ولم يبق بأيدي النصارى منه إلا بقايا: كالختان، والاغتسال من الجنابة، وتعظيم السبت، وتحريم الخنزير، وتحريم ما حرمته التوراة إلا ما أحلت لهم بنصها، ثم استحلوا الخنزير، وأحلوا السبت، وعوضوا منه يوم الأحد، وتركوا الختان، والاغتسال من الجنابة، وكان المسيح يصلي إلى بيت المقدس فصلوا إلى المشرق، وعظموا الصليب وعبدوه، وعندما أخذ دين المسيح صلى الله عليه وسلم في التغير والفساد اجتمعت النصارى عدة مجامع، ثم يفترقون على الاختلاف والتلاعن، ومن أهم هذه المجامع: مجمع نيقية عام ٣٢٥ م، فقد جمع الملك قسطنطين -باني القسطنطينية- ألفين وثمانية وأربعين أسقفا (٢٠٤٨) من جميع بلدان العالم، وكانوا مختلفي الآراء والأديان، واتفق منهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا (٣١٨) على أن المسيح ابن الله -تعالى عن كفرهم- وأنه مساو له في


(١) انظر: إغاثة اللهفان لابن القيم ٢/ ٢٧٠، وهداية الحيارى ص ٦٢٢، والمناظرة بين الإسلام والنصرانية ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>