للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدر (١) وأقرع بن حابس، وزيد الخيل (٢) والرابع إما علقمة (٣) وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فقال: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء؟ " قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله! اتق الله، قال: " ويلك، أو لست أحقُّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ " قال: ثم ولى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله! ألا أضرب عنقه؟ قال: " لا، لعله أن يكون يصلي " فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: " إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم ". قال: ثم نظر إليه وهو مُقفٍ، فقال: " إنه يخرج من ضئضىء هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (٤).

وهذا من مظاهر حلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم، فقد أخذ بالظاهر ولم يؤمر أن ينقب قلوب الناس، ولا أن يشق بطونهم، والرجل قد استحق القتل واستوجبه؛ ولكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم لم يقتله، لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولا سيما من صلى (٥). .


(١) وهو عيينة بن حصن بن حذيفة، نسب لجده الأعلى. الفتح ٨/ ٦٨.
(٢) زيد الخيل بن مهلهل الطائي، وسماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم زيد الخير، بالراء بدل اللام. انظر. فتح الباري ٨/ ٦٨.
(٣) ابن علاثة العامري، أسلم وحسن إسلامه، واستعمله عمر على حوران، فمات بها في خلافته. انظر: فتح الباري ٨/ ٦٨.
(٤) البخاري، مع الفتح، كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد - رضي الله عنهما - إلى اليمن ٨/ ٦٧، ومسلم في كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ٢/ ٧٤١.
(٥) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري ٨/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>