للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والساحر ليس له في الآخرة من نصيب، قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: ١٠٢] (١) وبين الله عز وجل أن من تعلم السحر كفر، فقال: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢] (٢)؛ ولخطر السحر على المسلمين حذر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الذهاب إلى السحرة والكهان فقال: «من أتى عرافا (٣) فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» (٤).

وهذا فيه التحذير الشديد من إتيان الكهان والعرافين، وأن من فعل ذلك ولم يصدقهم فلا ثواب له في صلاة أربعين ليلة (٥) أما من أتاهم وصدقهم فإنه يكفر بالقرآن والسنة (٦)؛ لحديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أتى كاهنا (٧) أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -" (٨).

وهذا يؤكد كفر الكاهن والساحر والعراف؛ لأنهم يدعون علم الغيب، والمصدق لهم الذي يعتقد ذلك ويرضى به كافر، أسأل الله لي ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة (٩).

وقد برئ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن تعاطى السحر والكهانة وممن تلقى ذلك عنهم فقال: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر


(١) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
(٢) سورة البقرة الآية: ١٠٢.
(٣) العراف: هو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفته بها، وهو الذي يدعي معرفة مكان المسروق، ومكان الضالة ونحو ذلك. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم ١٤/ ٤٧٤، ٤٧٨.
(٤) مسلم عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، ٤/ ١٧٥١، برقم ٢٣٣٠، وانظر: شرح علل الترمذي للحافظ ابن رجب ٢/ ٦٦٧.
(٥) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٤/ ٤٧٨.
(٦) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن، ٢/ ٤٩٠.
(٧) الكاهن: هو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار ومطالعة علم الغيب.
التعريفات للجرجاني ص ٢٣٣، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٤/ ٤٧٤.
(٨) أحمد في المسند، ٢/ ٤٢٩، والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ١٣٥؛ والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ١/ ٨، وقال الذهبي في الكبائر ص ١٤١: "إسناده صحيح"، وأخرجه مطولا: أبو داود، كتاب الطب، باب في الكاهن، ٤/ ١٥، برقم ٣٩٠٤، والترمذي كتاب الطهارة، باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض، ١/ ٢٤٢، برقم ١٣٥، وأحمد في المسند ٢/ ٤٠٨، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب النهي عن إتيان الحائض؛ ١/ ٢٠٩، برقم ٦٣٩، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/ ٧٣٩، برقم ٣٣٠٥.
(٩) انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن، ٢/ ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>