للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينبغي للداعية أن يستخدم هذا الأسلوب مع المدعوين، لما له من الأهمية البالغة في الحث على العمل والمواظبة عليه.

سادسا: من صفات الداعية: استصحاب النية الصالحة: النية الصادقة الصالحة من أعظم صفات الداعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه»، فدل ذلك على أن المهاجر في سبيل الله يحصل على فضل المجاهد في سبيل الله عز وجل بالنية الصالحة الصادقة، وأن من جلس في أرضه ولم يهاجر ولم يجاهد، ولكن عنده أعمال صالحة، ونية صادقة يتمنَّى الجهاد بها، فله فضل الجهاد.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه إشارة إلى أن درجة المجاهدين قد ينالها غير المجاهد، إما بالنية الصالحة، أو بما يوازيه من الأعمال الصالحة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر الجميع بالدعاء بالفردوس بعد أن أعلمهم أنه أعِدَّ للمجاهدين " (١).

فينبغي للداعية أن يتصف بالنية الصالحة الصادقة؛ فإنه يحصل بها على الثواب العظيم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه» (٢) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ تكون له صلاة بليل فيغلبه عليها نوم، إلا كتِبَ له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة» (٣) وقد عظَّم الله أمر النية الصالحة فقال عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١١٤] (٤) وهذا يدل على أهمية النية الصالحة وأن الدعاة إلى الله بحاجة إلى إصلاح النية، فإذا صلحت أعطيَ العبد الثواب


(١) فتح الباري ٦/ ١٣.
(٢) تقدم تخريجه في الدرس الثالث من هذا الحديث، ص ١٨٣.
(٣) أبو داود، كتاب الصلاة، باب من نوى القيام فنام ٢/ ٣٤ برقم ١٣١٤، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب من كان له صلاة بليل فغلبه عليها النوم، ٣/ ٢٧٥، برقم ١٧٨٤، وصححه الألباني في إرواء الغليل ٢/ ٢٠٤، وصحيح النسائي ١/ ٣٨٦.
(٤) سورة النساء، الآية: ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>