للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة، فإذا أصبح ذلك هيئة راسخة في النفس، وأصبح طبعا من طبائعها كان ذلك هو الحلم الواجب على الدعاة إلى الله تعالى، (١) وهذا يحتاج في بداية الأمر إلى جهاد وعزيمة، وقوة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشديد بالسرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». (٢).

ثالثا: من صفات الداعية: الكرم: الجود والكرم من الصفات الحميدة؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: «. . . فلو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم»، وهذا يدل على كرمه وعظيم جوده وسخائه - صلى الله عليه وسلم - ويؤكد على الدعاة إلى الله تعالى الاقتداء به، وأن يكونوا كرماء أسخياء لا بخلاء أشحَّاء؛ فإن الداعية الكريم يجذب الناس إلى دعوته بفضل الله تعالى ثم بكرمه وجوده؛ ولهذا ما سئل - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام شيئا إلا أعطاه، وجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة (٣) ولهذا قال أنس بن مالكَ رضي الله عنه: " إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإِسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها " (٤) ومما يدل على فضل الجود والكرم وأنه من أعظم الأساليب التي ترغِّب الناس في قبول الدعوة، ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صفوان بن أمية؛ فإنه أعطاه مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة، قال صفوان: «والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي» (٥).

والداعية ينبغي له أن يتصف بأنواع الجود والكرم كلها، فيجود بنفسه في


(١) انظر: مفردات غريب القرآن، للأصفهاني ص ١٢٩، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، ١/ ٤٣٤، والأخلاق الإِسلامية، للميداني، ٢/ ٣٣٧.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، ٧/ ١٢٩، برقم ٦١١٤، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل من بملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، ٤/ ٢٠١٤، برقم ٢٦٠٩.
(٣) مسلم، كتاب الفضائل، باب ما سئل - صلى الله عليه وسلم - شيئاَ فقال: لا، ٤/ ١٨٠٦، برقم ٢٣١٢.
(٤) المرجع السابق، في الكتاب والباب المشار إليهما ٤/ ١٨٠٦، برقم ٢٣١٢.
(٥) مسلم، كتاب الفضائل في الباب السابق ٤/ ١٨٠٦، عن صفوان، رضي الله عنهم، برقم ٢٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>