للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاصدا به وجه الله تعالى وقد قيل فيه: إنه الجهاد في سبيل الله " (١) وقال الإِمام ابن دقيق العيد رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم " في سبيل الله " " العرف الأكثر فيه: استعماله في الجهاد، فإذا حمل عليه، كانت الفضيلة؛ لاجتماع العبادتين - أعني عبادة الصيام والجهاد - ويحتمل أن يراد بسبيل الله: طاعته كيف كانت، ويعبر بذلك عن صحة القصد والنية فيه " (٢) وقال العلامة المناوي رحمه الله: «من صام يوما في سبيل الله» أي لله ولوجهه، أو في الغزو، أو في الحج " (٣) وعلى قول من فسر سبيل الله بالجهاد؛ فإن الإِخلاص شرط في صحة جميع العبادات.

وهذا يبين للداعية إلى الله عز وجل أهمية إخلاص العمل لله عز وجل؛ قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء: ١٢٥] (٤) فإسلام الوجه إخلاص القصد والعمل لله، والإِحسان فيه: متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته (٥)؛ قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢] (٦) قال الفضيل بن عياض رحمه الله: " هو أخلصه وأصوبه " قالوا: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؛ فقال: " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة " (٧) قال الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] (٨) وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] (٩) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث لا يغلّ


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٢١٧، وانظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ٥/ ١٦١١.
(٢) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، لابن دقيق العيد ٢/ ٣٧.
(٣) فيض القدير شرح الجامع الصغير، لعبد الرؤوف المناوي ٦/ ٦١.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٢٥.
(٥) مدارج السالكين، لابن القيم ٢/ ٩٠.
(٦) سورة الملك، الآية: ٢.
(٧) مدارج السالكين، لابن القيم ٢/ ٨٩.
(٨) سورة الكهف، الآية: ١١٠.
(٩) سورة الأنعام، الآيتان: ١٦٢ - ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>