للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لقد حكمّت فيهم بحكم المَلِكِ ". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " يستفاد منه لزوم حكم المحكم برضى الخصمين " (١) وقال العلامة العيني رحمه الله: " فيه لزوم حكم المحكم برضى الخصمين، سواء كان في أمور الحرب أو غيرها، وهو رد على الخوارج الذين أنكروا التحكيم على علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " (٢) وقد تكلم الإمام النووي رحمه الله كلاما جامعا قال فيه: " فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين، وفي مهماتهم العظام، وقد أجمع العلماء عليه، ولم يخالف فيه إلا الخوارج، فإنهم أنكروا على عليٍّ التحكيم، وأقام الحجة عليهم، وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم، عدل، صالح للحكم، أمين على هذا الأمر، وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين، وإذا حكم بشيء لزم حكمه، ولا يجوز للإِمام ولا لهم الرجوع عنه، ولهم الرجوع قبل الحكم، والله أعلم " (٣) وحاصل ذلك أن الإمام إذا وافق على التحكيم لحَكَمٍ من أهل العلم والفقه، والديانة، فحكم بما فيه مصلحة المسلمين: من قتل، أو سباء، أو إقرار على الجزية، أو إجلاء، نفذ حكمه إذا لم يكن فيه مخالفة للشرع بأي وجه من الوجوه (٤).

ثانيا: من وسائل الدعوة: القيام للمقابلة بالسلام والمصافحة أو التهنئة: ظهر في هذا الحديث أن القيام للقادم لمقابلته بالسلام والمصافحة أو التهنئة، أو إجلاسه في مكانه، أو إنزاله من على دابته إذا كان مريضا من وسائل الدعوة؛ قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - في هذا الحديث: " قوموا إلى سيدكم " وقد كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يقوم للمقابلة بالسلام لبعض أصحابه عند القدوم عليه (٥) ومن ذلك حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٦/ ١٦٥.
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٤/ ٢٨٨.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٣٣٦، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٣/ ٥٩٢.
(٤) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، ٣/ ٥٩٢.
(٥) كما قام لفاطمة وقبلها وأجلسها مكانه، وكانت تفعل ذلك له، وذكر أن أخاه من الرضاعة أقبل عليه فقام فأجلسه بين يديه؛ للتوسيع له في الجلوس، وقام لعكرمة حينما جاء من اليمن مسلما، فرحا بإسلامه، وقام لجعفر بن أبي طالب عندما قدم من الحبشة فرحا بقدومه ومقابلة له بالسلام، وقدم إليه زيد بن حارثة فقام إليه فاعتنقه وقبله، وغير ذلك وهذا كله للاستقبال بالسلام، أو المصافحة أو التقبيل أو إجلاس القادم في مكانه، أما للتعظيم فلا. انظر: فتح الباري ١١/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>