للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: «فكأنما أعتقني»، وهذا يؤكد ويحث على العناية بالأرحام وصلتهم؛ لما في ذلك من الثواب العظيم، والأجر الكبير؛ ولأهمية صلة الرحم ألزم الله بها كل مسلم ومسلمة لنصوص كثيرة وفوائد عظيمة منها ما يأتي: ١ - أمر الله عز وجل بصلة الأرحام فقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: ٣٦] (١) وقال الله عز وجل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦] (٢) وقال سبحانه: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: ٣٨] (٣) وقال عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢١٥] (٤).

٢ - صلة الأرحام يزيد الله بها في العمر، ويبسط في الرزق، ويصل من وصلها، وهي من أسباب المحبة بين الأهل والأقارب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره (٥) فليصل رحمه» (٦) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار» (٧) وعن أبي هريرة


(١) سورة النساء، الآية: ٣٦، وانظر: أحكام القرآن لعماد الدين الطبري الهراس، ٢/ ٣٧١.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٢٦.
(٣) سورة الروم، الآية: ٣٨.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢١٥.
(٥) ينسأ له في أثره: أي يؤخر له في أجله، وبسط الرزق: توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه. وأما التأخير في الأجل، فقيل: هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، ورجحه النووي. وقيل: إن التأجيل في العمر بالنسبة لما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك، فيظهر لهم أن عمره ستون سنة مثلا، فإن وصل رحمه زيد له أربعون سنة وقد علم الله عز وجل ما سيقع من ذلك وقدره. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/ ٣٤٩.
(٦) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، ٧/ ٩٦، برقم ٥٩٨٦، ومسلم كتاب البر والصلة، والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، ٤/ ١٩٨٢، برقم ٢٥٥٧.
(٧) مسند الإمام أحمد، ٦/ ١٥٩، وتقدم تخريجه في الحديث رقم ٧٦، الدرس الثالث، ص ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>