ما حكم من سب المشايخ أمثال: عائض القرني، سفر الحوالي، سيد قطب، وناصر العمر، والمنجد، والعريفي، ويقول: عندهم أمور شركية، ويقول عندما يسمع الحديث عنهم: أعوذ بالله؟
الجواب
هؤلاء المشايخ وغيرهم من المشايخ ليسوا بمعصومين، يقعون في الخطأ، وكل إنسان يقع في الخطأ، لكن يجب على المسلم أن يزن الخطأ بميزان الكتاب والسنة، وألا يتجاوز، وهؤلاء المشايخ هم رموز أهل السنة في هذه البلاد، فإذا كان هؤلاء يسبون بهذه الطريقة، فمعنى هذا أن هذا الشخص سيحصر أهل السنة في مجموعة محددة هو يعرفها، وبقية الناس لا يعرفونها، ثم لماذا يسب هؤلاء؟ إذا كانت توجد عندهم أخطاء فينكر هذا الخطأ، أقول لهذا: هل عبدوا غير الله؟ هل استغاثوا بغير الله؟ هل حرفوا الصفات؟ هل عندهم من مقالات الفرق الضالة شيء؟ أبداً ليس هناك أي شيء، وإنما هي اجتهادات، وبعض الناس يقول: بعضهم كان له موقف أثناء أزمة الخليج، أقول: هذا أمر اجتهادي، واجتهاده في تلك الفترة قد يتراجع عنه في وقت آخر، ثم إنه في تلك الفترة التي اجتهد هذا الاجتهاد كان هناك علماء كبار مثل: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهما ولم يقولا هذا الكلام فيهم؛ ولهذا يا إخواني بغض النظر عن الأسماء هذه، ينبغي للإنسان أن يكون عفيف اللسان دائماً، وأن يبتعد عن الطعن في أهل العلم، وأن يبتعد عن الطعن في الدعاة إلى الله عز وجل، ونحن في مرحلة أحوج ما نكون فيها إلى الألفة والاجتماع، خصوصاً أن أصول السنة موجودة عندنا ولله الحمد، وأما يتعلق بالتوحيد وأنواع التوحيد الثلاثة، والإيمان، والقدر، واليوم الآخر، ونحو ذلك، فإذا اجتهد عالم من العلماء في أي مسألة من المسائل وأخطأ فيها فإنه يناصح ويعلم وينكر عليه هذا الخطأ، لكن ليس بطريقة السب والشتم وقول: أعوذ بالله منهم، سبحان الله! وهؤلاء الأشخاص الذين يتكلمون بهذه الطريقة، لو اختلفوا فيما بينهم لتوصلوا إلى أن يسب بعضهم ويشتم بعضهم بعضاً، وهذا هو الذي وقع مع الأسف، أن هناك أشخاصاً خالفوا أشخاصاً آخرين في مسألة من المسائل فبدأ يطعن بعضهم ببعض ويسب بعضهم بعضاً، هذا خطأ يا إخواني، ينبغي للإنسان أن يكون عفيف اللسان، وأن يعلم أن شرائع الإيمان وشعب الإيمان واسعة وكبيرة وكثيرة، وأن الإنسان إذا جاء بأصول السنة العامة فإنه تحفظ له مكانته ومنزلته في الأمة، وإذا قال قولاً شاذاًَ فإنه يرد عليه هذا القول، فهذا الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، من علماء أهل السنة بدون أي منازعة، ومن فضلاء أهل السنة، وقع في أخطاء معينة، لو أننا جمعنا هذه الأخطاء مثلاً، وبدأنا نشنع على هذا الشيخ ونتكلم عليه، وعملنا بهذا الأسلوب مع كل شيخ، من سيبقى؟ صدقوني لا يبقى أحد؛ لأنه ليس هناك إنسان إلا ويقع في الخطأ.
لو تعاملنا بهذا الأسلوب مع العلماء القدامى أمثال: الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم، والله لن يبقى أحد، هل تتصورون أن هؤلاء العلماء ملائكة يمشون مطمئنين على الأرض؟ أبداً، ليسوا ملائكة، هم بشر يقعون في الخطأ.
ولهذا ألف ابن تيمية رحمه الله تعالى:(رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ولو تقرءون طريقة ابن تيمية رحمه الله في التعامل مع أخطاء المخطئين تتعجبون، ولا يعني هذا أن الإنسان يقر الآخرين على أخطائهم؛ لأن العبرة بالدليل الشرعي، لكن ليس بهذا الأسلوب، فالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله على فضلهما ومكانتهما وقعا في أخطاء، ليس هناك أحد لا يقع في أخطاء، لكن هذه تسمى الأخطاء الاجتهادية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا اجتهد المجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
حتى الأستاذ سيد قطب رحمه الله أخطأ في مسائل في العقيدة، لكن ليست مسائل كلية، هي مسائل فرعية، مثلاً: باب الأسماء والصفات عند سيد قطب في الجملة يقول: نحن نثبت ما يثبته الله عز وجل لنفسه، لكن في التفصيل قد يقع في تأويل بعض الأسماء والصفات، فهذه لا تقبل، ولا يصح لأحد أن يقبلها وترد، لكن مجمل كتابات سيد قطب في الجملة كتابات مفيدة، وفيها خير كثير، وما فيها من زلل ومن خطأ نرده ولا نقبله، وقد اعتذر عن كثير من هذه الأخطاء في كلامه حول تفسير سورة الجن، عندما قال: في بداية دراستي للعلم وقعت في قراءة لبعض كتب المخطئين وكذا، وتبنى ما في تلك الكتب ثم إنه يعتذر إلى الله عز وجل منها ونحو ذلك، وله كتاب رائع جداً اسمه (خصائص التصور الإسلامي) له فصل بعنوان: تيه وركام يقول: إنه يجب علينا أن نأخذ المنهج القرآني من مصدره ومنبعه ا