أيضاً من المكفرات ومن نواقض الإيمان: ادعاء النبوة، فلو إن إنساناً ادعى أنه نبي فإنه كافر خارج عن دائرة الإسلام؛ لأنه مكذب لخبر الله عز وجل ولخبر النبي صلى الله عليه وسلم المتواتر أنه خاتم النبيين ولا نبي بعده، وهذا التكذيب يدل على أن صاحبه كافر غير مسلم، ولهذا وصف الله عز وجل نبيه بأنه خاتم النبيين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا نبي بعدي)، فكل من ادعى النبوة فهو مرتد بإجماع المسلمين، فـ مسيلمة الكذاب مرتد، وكل من ادعى النبوة فهو مرتد.
وممن يدعي النبوة فلاسفة الصوفية والفلاسفة الذين تأثروا بـ أرسطو وأفلاطون وغيرهما، فإنهم كانوا يعتقدون: إن النبوة موهبة ذاتية تدل على قدرات فائقة عند الإنسان يمكن للإنسان أن يكتسبها، ويقولون أن النبوة معارف فوق معارف الإنسان العادية، وقدرات ذاتية فوق قدرات الإنسان العادية يستخزنها هذا النبي إلى درجة أنه يسمع إلهاماً، وأنه يؤثر في الجماد، ويؤثر في الحياة من حوله، وبهذا فإنهم يفسرون الخوارق والمعجزات التي تحصل للأنبياء بأنها تأثير ذاتي من النبي لقوة شخصيته ولقوة مواهبه وإراداته وما يحصل له من الإلهامات والرياضة، ويقولون: إن الإنسان بإمكانه من خلال الرياضة أن يتوصل إلى النبوة، فهذا كفر مخرج عن دائرة الإسلام أيضاً، ولهذا شبه ابن عربي الطائي نفسه بأنه خاتم الأولياء كما أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، ولم يأت الصوفية بتفريق صحيح بين النبي والولي، فإنهم يقولون: إن الولي يوحى إليه كما أن النبي يوحى إليه، وإن الولي يأتيه الملك كما أن النبي يأتيه الملك، ولم يأتوا بفارق يمكن للإنسان أن يفرق به بين خصائص النبي وخصائص الولي، بل عندهم أن النبي مثل الولي تماماً لكن الولي لا يقول: أنا نبي وإنما يقول: أنا ولي، والنبي نبي فقط في الاسم، أما في الحقيقة فإن الأولياء عندهم بمثابة الأنبياء تماماً فالكل يوحى إليهم، والكل يأتيهم ملك من عند الله عز وجل.
بل إن الصوفية تجاوزوا هذا الحد إلى درجة أنهم قالوا: إنكم تأخذون علمكم ميت عن ميت وأما نحن فنأخذ علمنا عن الحي الذي لا يموت، ويقولون: حدثني قلبي عن ربي، وهذا الإلهام عندهم كاف في أنه وصل إلى درجة اليقين بدون أي تردد أو إشكال.
والحقيقة أن الصوفية أصبح اليوم لهم حركة ربما في السنوات الخمس الأخيرة هذه أكثر من السنوات الماضية، ومن علمائهم الشباب الذين بدأ لهم ظهور وبروز إعلامي المخرف الحبيب علي الجفري الذي يأتي في القنوات الفضائية، وله كتاب يشرح فيه اعتقاد الفرقة الناجية، وهو كتاب مليء بالعقائد الضالة المنحرفة عن عقيدة أهل السنة وعن عقيدة المسلمين، فهو يستحل دعاء غير الله سبحانه وتعالى، ويرى أنه حلال باتفاق المسلمين، ويستحل أيضاً الذبح على القبور، ويستحل أيضاً الطواف عند القبور، ويعتقد أن الموتى يسمعون كما يسمع الأحياء تماماً، وأنهم يستجيبون لنداءات الزوار كما أن الأحياء يسمعون لنداءات الزوار.
ولعل كثيراً من أهل السنة -مع الأسف- قد خدعهم هذا الجفري في لقاءاته في الإعلام الفضائي بأنه لا يتكلم في القضايا ذات الحساسية التي تؤثر، ولهذا فإن الصوفية أصبحوا يمتهنون أسلوب التقية مثل الشيعة تماماً، وأصبحوا يتكلمون في القضايا المتفق عليها والقضايا المعروفة وخصوصاً القضايا السياسية المؤثرة مثل: تسلط الصهاينة وتسلط أمريكا على بلاد المسلمين ونحو ذلك، فقد يظن بعض الناس أن هؤلاء من دعاة أهل السنة الذين يظهرون كلمة الحق ونحو ذلك، وقد يأتون بكلام حول فضائل الأعمال والأخلاق والآداب، وكيفية التعامل مع أهل العلم ونحو ذلك، ويأتون بهذا الكلام العام الذي هو موطن اتفاق بين المسلمين جميعاً ويزينون به أنفسهم، وقد ينهون عن التبرج والسفور والفسوق الذي أصبحت تعيش فيه كثير من بلاد المسلمين وهو التفسق الأخلاقي، وسوء الأخلاق والبغاء، وانتشار الفساد في الناس، فهم ينهون عن هذا، لكن هناك عقائد قد يخفونها عندما يتحدثون مع الجمهور في القنوات الفضائية، لكن في كتبهم وفي مواقعهم يصرحون بهذه العقائد، وأنا بنفسي اطلعت على كتاب الجفري هذا الذي سبق أن ذكرت لكم بعض العقائد التي نتحدث عن خطرها على المسلمين.