الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو أنواع: منه أصل، إذا زال الإيمان فإنه يزول.
ومنه كمال الواجب، إذا زال فإنه لا يزول الإيمان، لكن يزول كماله الواجب.
ومنه كمال مستحب، إذا زال فإن الإنسان لا يعاقب عليه.
مثال أصل الإيمان: المحبة، والخوف، والرضا من الأعمال القلبية.
مثال ثان: الصلاة.
مثال ثالث: الإقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
مثال رابع: تعظيم الدين بشكل عام.
مثال خامس: قول لا إله إلا الله، فكل هذه تعتبر من أصول الإيمان، إذا لم توجد فإن الإيمان لا يكون مقبولاً، ولهذا لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب قال له:(يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فمات وهو يقول: بل على ملة عبد المطلب)، وهذا دليل على أنه لو قالها لأسلم، وهي علامة الإسلام في الابتداء، ثم الاستمرار يكون بالإتيان بمقتضيات لا إله إلا الله ولوازمها الشرعية، وشروطها التي سبق أن أشرنا إليها.
فلو أن إنساناً لم يقل: لا إله إلا الله أبداً لا يكون مسلماً، فإذا قال: لا إله إلا الله فإنه يجب الكف عنه، ولهذا في حديث أسامة بن زيد الشهير عندما جاء إلى الكافر ولاذ بشجرة فقال: لا إله إلا الله فقتله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم عندما علم وقال:(أقتلته بعد أن قالها؟ ثم قال: يا رسول الله إنما قالها تعوذاً، قال: أشققت عن قلبه؟)، ولهذا فإن الإيمان منه أصول أساسية يزول الإيمان بزوالها، ومنه كمال واجب يترتب الإثم على تركها، مثل: بر الوالدين، فلو تركه لكان آثماً، ومثل: ترك الذنوب والمعاصي، فلو أنه قارف الذنوب والمعاصي لكان آثماً، لكن إيمانه لا يزول بالكلية، فشارب الخمر، والزاني، وعاق الوالدين ونحو ذلك من أصحاب الذنوب والمعاصي كل هؤلاء لا يكفرون، ولا يقال: إنهم كفار خارجون عن الإسلام، بل هم مسلمون، والأدلة الواردة في نفي الإيمان عنهم إنما المراد به نفي كمال الإيمان الواجب، وليس نفي أصل الإيمان.