للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العناية بالآداب والأخلاق]

الأمر الرابع: أن يعتني الإنسان بآدابه وأخلاقه، فيعتني الإنسان بأخلاقه مثل الصدق، وحفظ الأمانة، والأدب مع الوالدين، ومع الأهل، والعناية بالعبادة، والحرص على الأذكار وقراءة القرآن، والبعد عن الذنوب والمعاصي، والحرص على مكارم الأخلاق والآداب وشيم النفوس العالية، وأن يكون الإنسان بعيداً عن خوارم المروءة، وأن يعتني الإنسان بصقل نفسه وتهذيبها وتربيتها، وأن يعتني بتزكية نفسه، ومعنى التزكية النماء، أن ينمي الإنسان نفسه، يقول الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٧ - ١٠]، ففي قوله: (قد أفلح من زكاها) سبب ونتيجة، فالسبب: التزكية، والتزكية التنمية، أن ينمي الإنسان نفسه ويطهرها، فينميها ويطهرها من أوساخ المعاصي والآداب الرديئة والأخلاق السيئة، إذاً: السبب أن يزكي نفسه، والنتيجة: الفلاح، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:٩].

وأيضاً في المقابل نتيجة وسبب، فالسبب: التدسية، ومعنى التدسية: الإخفاء، كما أن التزكية: النماء والطهارة، فالتدسية ضد التزكية معناها الإخفاء، ولهذا جاء في قصة الذين يدفنون بناتهم قال الله تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل:٥٩] أي: يخفيه في التراب.

فينبغي على الإنسان أن يعتني بتزكية نفسه، وأن يبتعد عن تدسيتها بالذنوب والمعاصي، فإن نتيجة التدسية الخيبة والخسارة، كما أن نتيجة التزكية الفلاح بإذن الله تعالى.

إذاً: ينبغي على طالب العلم أن يعتني بنفسه عناية كبيرة في آدابها، أن يكون لسانه عفيفاً، وأن يكون بعيداً عن الطعن في الناس، والكذب عليهم، والسفه، ونحو ذلك من خوارم المروءة التي لا تليق بأي مسلم، فكيف بطالب العلم الذي ينبغي أن يكون على مستوى عال من الآداب الشرعية؟! وأن يعتني بتهذيب نفسه وتربيتها والعناية بها عناية كبيرة.

ولهذا تحدث العلماء عن العناية بالعلم، وقالوا: إن من معنى العناية أن يأخذ الإنسان العلم بالتدرج وأن يفهمه، وأن يعتني بنفسه، وأن يطبق هذا العلم حتى يتعلم العلم والعمل على حد سواء.

ولهذا جاء عن بعض السلف أنهم كانوا لا يتجاوزن العشر الآيات من القرآن حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>