ما الرد على من يقول: إن أقسام التوحيد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويتهمنا بأننا ابتدعنا في الدين؟
الجواب
أقسام التوحيد من حيث معناها ومن حيث مضمونها هي أقسام واردة في القرآن وفي السنة النبوية الصحيحة، أما من حيث الترتيب العلمي فهي أقسام ثلاثة أو قسمين، وصحيح أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا باب واسع عند العلماء ويسمى باب الاصطلاح، والعلماء يقولون: لا مشاحة في الاصطلاح، فإذا كان معنى الاصطلاح صحيحاً فإن الاصطلاح يكون صحيحاً، وإذا كان الاصطلاح معناه فاسد، فإن الاصطلاح فاسد، ولهذا أنكر العلماء على اصطلاحات الصوفية مثل: الفناء والسكر والشطح وغيرها؛ لأنها تتضمن معاني فاسدة وباطلة.
وأيضاً أنكر العلماء على مصطلحات أهل الكلام مثل الجسم والعرض والحيز والجهة ونحو ذلك؛ لأنها تتضمن مصطلحات باطلة، بينما لم ينكر أهل العلم على مصطلحات النحاة، ولا على مصطلحات الأصوليين، ولا على مصطلحات الفقهاء، ولا على مصطلحات الحديث: حديث صحيح، وحديث ضعيف، وحديث شاذ، وحديث منكر، هذه كلها لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ومع هذا أصبحت جزءاً من العلوم المعيارية الأساسية.
فهذه المصطلحات صحيحة؛ لأن معانيها صحيحة، فإنه لا إنكار فيها، لكن الإنكار على المصطلحات التي تكون معانيها غير صحيحة، والعجيب! أنني رأيت كتاباً اسمه (التنديد بمن قسم التوحيد) وألفه أحد الضالين واسمه: حسن السقاف، وتكلم فيه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وشيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: إن هؤلاء ضالون؛ لأنهم ابتدعوا فقسموا التوحيد بهذه الطريقة، وهذا ابتداع! وعرف التوحيد بأنه توحيد الله عز وجل في ذاته وأسمائه وأفعاله، وهذا تعريف المتكلمين: أن يكون الله واحداً في ذاته لا قسيم له، وفي أسمائه وصفاته لا شبيه له، وفي أفعاله لا شريك له، وهل التقسيم لأهل الكلام حلال، وعند أهل السنة حرام؟ وكل أصحاب المناهج وأصحاب الكتب يقسمون، لكن أهم شيء هو: هل هذا التقسيم صحيح أو تقسيم فاسد؟ والاستدلال لا يكون بذات التقسيم ولا نقسم أبداً، ولا أحد يقول بهذا القول أبداً، فالذين قالوا: بأن أهل السنة مبتدعون لأنهم قسموا هذه الأقسام الثلاثة، فهم يقسمون أيضاً، وتقسيمهم هذا تقسيم غير شرعي، وهو تقسيم فيه خلل.