[أقسام التوحيد]
التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام باعتبار، وإلى قسمين باعتبار آخر، فهو ينقسم إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، وهذا باعتبار النظر إلى الله سبحانه وتعالى.
وينقسم إلى قسمين: توحيد المعرفة والإثبات وتوحيد القصد والطلب، وهذا باعتبار النظر إلى العبد، وقد يعبر عن توحيد المعرفة والإثبات بأسماء مختلفة مثل التوحيد العلمي الخبري، كما يعبر عن توحيد الإرادة والقصد بالتوحيد الإرادي الطلبي القصدي، وهذه كلها تعبيرات لمعان واحدة.
وهكذا التقسيم هنا، فالتوحيد كحقيقة شرعية واردة في القرآن والسنة مفهومها واحد، لكن لما تطور العلم من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والذين جاءوا بعدهم وأرادوا تعليم الناس قسموها بهذه الطريقة، فبعضهم نظر إلى مسألة من ناحية توحيد الله عز وجل فوجد أن توحيد الله ينقسم إلى توحيد في ربوبية الله وتوحيد في ألوهيته وتوحيد في أسمائه وصفاته.
وبعضهم نظر إلى التوحيد من جهة العبد، فوجد أن العبد يوحد في مجالين، المجال الأول: في معرفته وإثباته، والمجال الثاني: في إرادته وقصده، يعني: إرادته القلبية وما يترتب عليها من العمل.
وبعض العلماء يقسم التوحيد إلى قسمين: توحيد علمي وتوحيد عملي، فالتوحيد العلمي يتعلق بمعلومات الإنسان، والتوحيد العملي يتعلق بعمل الإنسان، وعمل الإنسان يشمل عمله الباطن مثل إرادته القلبية، وعمله الظاهر مثل الأعمال التي يمارسه بجوارحه.
وهذا التقسيم وارد في كل العلوم حتى في العلوم العصرية الطبيعية، فالتقسيمات أمر فني، وأهم شيء حقيقة هذا المعنى، هل هو معنى صحيح أو معنى فاسد؟ فمثلاً: في أصول الفقه، الواجب في اللغة: الساقط واللازم: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج:٣٦] يعني: سقطت إلى الأرض.
والواجب في الشرع هو الأمر من الله عز وجل أو من الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل الإلزام، أي: إلزام العبد.
فالواجب قسمه أهل العلم بأنواع مختلفة من التقسيم، فقالوا: ينقسم إلى واجب عيني وواجب كفائي، وإلى واجب معين وواجب مبهم، إلى واجب موسع وواجب مضيق.
وعندما يبتدئ الطالب في طلبه للعلم وينظر إلى هذه التقسيمات فإنه يستغربها ويتعجب منها، وحتى يدرك هذه القضية يجب أن يعلم أن هذا التقسيم من جهة وهذا التقسيم من جهة ثانية، فالمقسم واحد، لكن جهاته مختلفة.
عندما نظروا إلى الواجب من حيث الواجب على الفرد أو المجموع قسموا الواجب إلى قسمين: واجب عيني يجب على الأعيان، فكل مكلف تجب عليه الصلوات الخمس، فهذا واجب عيني يتعلق بأعيان الناس، بينما هناك في الشرع نوع آخر من الواجب، وهو الواجب الكفائي، فإذا فعله مجموعة سقط الإثم عن البقية، مثل صلاة الاستسقاء، فهي واجبة على عموم الأمة كشعيرة من شعائر الإسلام، فإذا كانت الأمة عشرين مليوناً وصلى مليون لا يأثم البقية، وهكذا صلاة الكسوف الجنائز، وإلا فصلاة الكسوف فيها قول آخر وهي أنها واجبة على التعيين.
وعندما نظروا إلى الواجب من ناحية الزمن، وجدوا أن بعض الواجبات مضيق وقتها وبعضها موسع، فقسموا الواجب إلى قسمين: واجب موسع وواجب مضيق، وإلى واجب مبهم وواجب معين، واختلف أهل العلم هل يوجد هذا النوع من الواجب أو لا يوجد؟ والتقسيم العلمي في اللغة: فالكلام ينقسم عند النحويين إلى اسم وفعل وحرف، وعند البلاغيين إلى خبر وإنشاء، وإلى حقيقة ومجاز، ويمكن أن يقسم باعتبارات مختلفة، فلا يقال: إن الكلام ينقسم إلى اسم وفعل وحرف وخبر وإنشاء وحقيقة ومجاز وغير ذلك، وهكذا غيرها من العلوم يمكن أن تقسم باعتبارات مختلفة.
ويمكن أن تبحث في مسألة واحدة فتجمعها من عشرين كتاباً أو أقل أو أكثر، ومن هذا خمس ومن هذا عشر وهكذا، هذا يسمى البحث الموضوعي ويكون في موضوع معين.