[اتفاق معنى عبارات السلف المختلفة في بيان حقيقة الإيمان]
ومما يعنينا في باب تعريف الإيمان الإشارة إلى مسألة مهمة جداً، وهي أن تعريفات السلف الصالح للإيمان جاءت بصيغ مختلفة، مع أن أشهر صيغة على الإطلاق في تعريف الإيمان هي أن الإيمان قول وعمل، وهي أدق صيغة في هذا الباب، وشرحها كما سبق أن بينا، ولكن بعض السلف عبر عن الإيمان بتعريف آخر وبتعبير آخر فقال: إن الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان، وهذا التعريف موافق للتعريف الأول، وبعضهم قال: الإيمان قول وعمل ونية، وبعضهم قال: الإيمان قول وعمل ونية واتباع للسنة.
فهذه التعريفات أقل في الشهرة من تعريف الإيمان بأنه قول وعمل، لكن المعاني واحدة، فمن قال: إن الإيمان إقرار باللسان، أو قول باللسان هذا داخل في قول اللسان، وتصديق بالجنان، هذا يشمل التصديق والعمل، وعمل بالأركان هذا يشمل: عمل الجوارح.
ومن قال: أن الإيمان قول وعمل، وزاد لفظة النية؛ فإنه خشي أن يفهم من كلمة (عمل) أن يراد بالعمل هنا عمل الجوارح فقط، فأضاف نية، يعني: عمل القلب حتى لا يهمل؛ لأن عمل القلب كما سيأتي معنا هو أهم عناصر الإيمان.
ومن قال: إن الإيمان قول وعمل ونية واتباع للسنة، فزاد لفظة السنة؛ لأنه خشي أن يفهم أن القول والعمل هنا يمكن أن يكون إيماناً حتى لو لم يمكن هناك اهتمام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فأضاف هذا القيد وهذا الشرط.
فالتعريفات هذه ليس بينها خلاف معنوي، بل الخلاف لفظي، وكل هذه التعريفات راجعة إلى معنى واحد كما سبق أن أشرنا.