أيضاً من اعتقد أي مذهب من المذاهب المادية الإلحادية فلا شك أنه كافر، فمن اعتقد مذهب العلمانية مثلاً وهو فصل الدين عن الحياة فهو كافر، ومن اعتقد مذهب الديمقراطية الذي يقضي: أن الدين لا علاقة له بتشريعات الإنسان فيما يتعلق بالدماء والأموال وبقية حياة الإنسان، ومحاولة حصر الدين في المسجد فقط، وأن الدين لا يبني حياة الإنسان، وهذا فيه تكذيب لكل النصوص الشرعية الواردة في الحدود والواردة في مصالح الإنسان المالية والواردة في مصالح الإنسان الدنيوية، وما يتعلق بالقصاص ونحو ذلك من الأحكام الشرعية المعروفة، فكل هذا يعتبر من الكفر والنقض لأصول الإيمان.
والحقيقة: أننا نحن في هذا الزمان نعيش حالة ردة عند كثير من المثقفين بسبب مثل هذه المذاهب، وأصبح كثير من الناس عندهم انفصام في فهمهم للإسلام، فهو يقول مثلاً: أنا مسلم ديمقراطي، ويقول: أنا مسلم ويؤمن بنظرية دارون؛ لأنه متخصص مثلاً في علم الأحياء مثلاً، ويقول: أنه مسلم ويؤمن بالعلمانية أو بالحداثة أو غير ذلك، ويقصرون الإسلام على بعض الشعائر التعبدية التي يمارسها الناس مثل: الصلاة والصيام ونحو ذلك، وهذا لا شك أنه فهم خاطئ للإسلام، فالإسلام دين حياة شامل لكل حياة الإنسان، يقول الله عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢ - ١٦٣]، وهذا الدين دين شامل لكل الحياة، لا يخرج منها شيء، ومن فهم هذا الدين على أنه دين شعائر تعبدية فقط، وأما بقية الحياة فإنها متروكة للإنسان تركاً مطلقاً يبنيها بالطريقة التي يراها فقد اتخذ إلهاً غير الله سبحانه وتعالى، اتخذ إلهاً في الأموال وفي الأديان وفي الدماء وفي السياسة وفي كل أبواب الحياة التي أخرج الدين عنها وجعل الدين بعيداً عنها، قال تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}[الجاثية:٢٣].