ويمثل أهل العلم للشرك الأصغر بأمثلة كثيرة جداً، منها: الرقى، والرقى جمع رقية، وهي التعاويذ التي يعوذ بها المرضى، وهي نوعان: تعويذ قبل وقوع البلاء لدفعه، وتعويذ بعد وقوعه لرفعه.
الرقى نوعان: رقى شرعية، ورقى شركية.
فالرقى الشرعية: هي التي تكون بكلام الله أو بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو بالكلام العربي الفصيح، ولهذا قال العلماء: إن من ضوابط الرقية الشرعية: أن تكون باللغة العربية؛ لأنه قد يتكلم بلغة أخرى فيستغيث بغير الله، والمرقي لا يدري.
والرقى تجوز بغير القرآن وبغير السنة، يعني: لو أن إنساناً دعا دعاء مباحاًً على مريض، أو دعا لنفسه على سبيل الاسترقاء، فإن هذا أمر مباح لا شيء فيه، كما يدل عليه حديث أبي مالك الأشجعي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً).
يعني: كانت هناك رقى في الجاهلية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(اعرض علي رقاك) فهذه الرقى التي كانت موجودة في الجاهلية، فما كان منها موافقاً للتوحيد قبله، وما كان منها مخالفاً له بدعاء غير الله عز وجل فإنه يرده؛ ولهذا لما جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه ووجد عند عائشة رضي الله عنه يهودية ترقيها، فقال لها:(ارقيها بكتاب الله) يعني: بما في التوراة، فإن التوراة تتضمن الأخبار والأحكام وأيضاً الرقى.
ولهذا قال الحافظ في الفتح: إن أهل الكتاب لم يغيروا الرقى، ولو غيروا الرقى لفسد مفعولها فلم يكن لها ثمرة، وإنما غيروا الأحكام وبعض الأخبار.
ولهذا يجب أن تكون الرقى بالكلام العربي الفصيح، وتكون بالأدعية الصحيحة التي لا تتضمن دعاء غير الله سبحانه وتعالى.
النوع الثاني: الرقى الشركية: وهي التي يكون فيها استغاثة بغير الله، أو دعاء لغير الله سبحانه وتعالى، فإذا كان هناك دعاء لغير الله في الرقى فهو شرك، كدعاء السحرة غير الله سبحانه وتعالى، من استغاثات بالجن والشياطين ونحو ذلك، كل هذه التعويذات شركية، فيجب الحذر منها.