قد عرف أهل العلم العبادة بتعريفات متعددة، منهم من عرف العبادة في ذاتها، ومنهم من عرف العبادة التي هي فعل العبد بعد أن يفعلها، فقد عرفت بأنها اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، هذا التعريف هو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول كتاب (العبودية) وهو تعريف لفعل العبد، وهو تعريف لحقيقة العبادة في نفسها، والعبادات في ذاتها تشمل الدين كله، فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ولهذا بين حقيقة العبادة نفسها وبين فعل العبد اتصال وثيق لا يمكن الفصل بينهما إلا نظرياً، يعني: يمكن نتخيل في الجانب النظري أن هناك عبادة بدون فعل، فنسمي هذه العبادة بدون فعل: أنها كمال الذل مع كمال المحبة، ويمكن أن نتخيل أن هناك فعلاً ونسميه حينئذ: الاسم الجامع لكل ما يحب الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وإلا فالحقيقة فعل العبادة مع تلبس العبد بها مركبان بعضهما من بعض، لا يفصلان في الواقع، وإنما يتخيل الإنسان هذا الفصل فعرف العبادة في نفسها بتعريف، وعرف فعل العبد لها بتعريف آخر، وهما يصبان في إناء واحد وفي مكان واحد، ونلاحظ من خلال تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للعبادة أن العبادة شاملة للدين كله، كما قال الله عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢ - ١٦٣]، والعبادة لا يجوز أن تكون إلا لله سبحانه وتعالى، فمن عبد غير الله عز وجل فقد وقع في الشرك ونقض التوحيد.