[الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر]
إن الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر كبير، الشرك الأكبر والشرك الأصغر يجتمعان في إرادة غير الله سبحانه وتعالى، لكن الشرك الأكبر إرادة تامة لغير الله عز وجل بعبادة غيره، والشرك الأصغر إرادة لغير الله عز وجل، ولكنها ليست إرادة تامة، بل هي وسيلة من وسائل الشرك الأكبر، وليست عبادة مصروفه لغير الله تعالى؛ ولهذا إذا سألك السائل: ما هو الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر؟ ف
الجواب
أن الشرك الأكبر صرف عبادة محضة لغير الله تعالى، كأن يدعو المرء غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، أو يسجد لغير الله، أو يحب محبة تامة غير الله تعالى، أو يخاف خوف السر من غير الله تعالى، أو يتوكل توكلاً تاماً على غير الله عز وجل، أو يفعل أي نوع من أنواع العبادات الشرعية لغير الله، فإذا فعلها لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج عن دائرة الإسلام.
أما الشرك الأصغر فليس فيه صرف عبادة لغير الله تعالى، وإنما هو وسيلة من وسائل الشرك، ليس عبادة محضة، بل وسيلة من الوسائل المفضية إلى الشرك الأكبر.
فإذا جئنا للحلف بغير الله، فالحلف بغير الله وسيلة يوصل إلى تعظيم المحلوف به، حتى يصبح مثل الله عز وجل.
فالحلف بغير الله شرك أصغر، وتعظيم غير الله عز وجل مثل الله شرك أكبر.
وهكذا الحال فيما يتعلق بالتوسل، فإن التوسل كلمة مجملة عامة.
النوع الأول من التوسل: هو أن يكون هناك صرف للعبادة لغير الله تعالى، مثل: دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، وعامة القبوريين في هذا الزمان يسمون هذا توسلاً، يعني: إذا تكلم القبوري في هذا الزمان وقال: نحن نتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يقصد أنهم يدعونه من دون الله، ويستغيثون به في قضاء حوائجهم من دون الله تعالى، وهذا شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام.
وهناك نوع آخر من التوسل، وهو التوسل المبتدع وهو أن يسأل الله -لا يسأل غير الله- لكن بوسيلة مبتدعة، مثل: أن يسأل الله عز وجل بجاه فلان من الناس، أو بمكانة فلان من الناس، أو بذات فلان من الناس، من الأولياء والصالحين أو الملائكة أو غيرهم، فهذا توسل مبتدع، فلو قال: اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهذا بدعة، ولو قال: اللهم إني أسألك بذات نبيك محمد فهذا بدعة، ولو قال: اللهم إني أسألك بجاه فلان من الأولياء أو الأنبياء أو الملائكة، بجاه جبريل عندك مثلاً، فهذا يعتبر بدعة، وهو من الشرك الأصغر، وبدعة من حيث إنه أمر لم يكن عليه الشرع، فيكون من الشرك الأصغر، ولا نعتبره من الشرك الِأكبر؛ لأن الدعاء هنا لله ليس لغير الله، فهو قال: اللهم، فهو يدعو الله، لكن اتخذ وسيلة مبتدعة ليست وسيلة مشروعة، لكن لو قال: يا محمد اغفر ذنبي، أو يا رسول الله أدخلني الجنة، أو قال: يا رسول الله احفظني يوم الحشر، أو قال: يا رسول الله أجرني من النار، أو ارزقني، فهذا شرك أكبر؛ لأنه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدعاء عبادة يجب أن تكون لله سبحانه وتعالى فقط، يقول الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:١٨] وبهذا يتضح الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الضبط العلمي له.
وهناك فروق أخرى، وهي: أن الشرك الأكبر مخرج من الملة، وأن الشرك الأصغر غير مخرج من الملة، فالمشرك شركاً أكبر خارج دائرة المسلمين، بينما من وقع في الشرك الأصغر مثل: الرياء أو الحلف بغير الله أو الرقى بالضوابط التي ستأتي الإشارة إليها أو التمائم أو نحو ذلك، فهذا ليس مشركاً شركاً أكبر، بل هو من المسلمين، يعني: لو أن إنساناً راءى في صلاته ولم يراء بأصل إسلامهِ، فالرياء نوعان: الأول: أن يرائي في أصل إسلامه من البداية، فهذا من المنافقين وليس من المسلمين.
الثاني: شخص أسلم عن قناعة تامة بصحة هذا الدين، وبصحة كلام رب العالمين، وبصحة كلام سيد المرسلين، والتزم بهذا الدين، لكن في أمر من الأمور أراد محمدة أو مدحاًًً أو دنيا، فعمل العبادة لهذا الغرض، فهذا مراء وشركه شرك أصغر؛ إن طرأ الرياء على أصل العبادة فهو مبطل لها، وإن طرأ عليها بعد أن أخلص في بداية أمره وجاهده فإنه لا يضره، وإن استقاد له فإنه يبطل ما خالطه من الأعمال.
ومن الفروق أيضاً: أن صاحب الشرك الأكبر تترتب عليه أحكام المشركين في الدنيا، من حيث عدم عصمة دمه وماله، ومن حيث وجوب التفريق بينه وبين زوجته، ومن حيث إنه لا يرث ولا يورث، ومن حيث إنه لا يدفن في مقابر المسلمين.
أما الذي وقع في الشرك الأصغر فإنه يعامل معاملة المسلمين.
هذا ما يتعلق بالفروق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر.