[انكشاف الزيف الأمريكي في احتلال البلاد الإسلامية]
بمناسبة الحديث عن الجمعيات التنصيرية، أقول: أصبح الأمر في غاية الانكشاف والوضوح أن هذه الدولة الظالمة الفاجرة أمريكا عندما استحلت بلاد المسلمين في العراق جاءوا باسم الخدمات الإنسانية وتقديمها للناس، وقد فتحوا مجالاً للجمعيات التنصيرية التي تدعو إلى العقائد الباطلة باسم الإنسانية، فهم دمروا بلاد المسلمين، دمروا المياه، ودمروا الكهرباء، ودمروا الصحة، ثم جاءوا باسم الإعمار وتقديم الخدمات الإنسانية! وكأن هؤلاء الأشخاص منكوبون من غيرهم، وهم نكبوا بهم، وهاهم ينكبون بالمسلمين من جهة أخرى بدعوتهم المسلمين إلى عقيدة ضالة، يريدون أن يخرجوهم من النور إلى الظلمات والعياذ بالله.
ومن الأشياء الثابتة الآن أن أمريكا أعطت بعض عقود الإعمار في العراق لبعض الشركات التي كشفت في أماكن مثل البوسنة أنها تحت غطاء إنساني تشتغل بتجارة الدعارة والعياذ بالله، فهم يأتون ببنات من أوربا الشرقية وروسيا، أعمارهن يتراوح بين اثني عشرة سنة أو أقل، وينظمونهن في شبكة دعارة، ويأتون بهن باسم الإعمار وإعادة الحاجيات الأساسية للناس! بهذا انكشفت الحملة الأمريكية في أوضح صورها، هي منكشفة من قديم، ودعاوى حقوق الإنسان، ودعاوى الديمقراطية، ودعاوى الحرية، ودعاوى ترفيه الشعب العراقي، ودعاوى أن البترول الموجود في العراق سيكون للعراقيين، وهم يحتلونه وينهبونه، ويعبثون به بهذه الطريقة، كلها مكشوفة، ولكن المسلم لا ييئس أبداً؛ لأننا نحن المسلمون بشكل خاص ميزنا الله سبحانه وتعالى بميزة عظيمة جداً، وهي أننا لا نعرف ولله الحمد الهوان، ولا نعرف انكسار النفس، ولا نعرف الخذلان، ولا نعرف اليأس والإحباط، قال تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:١٤٦].
تأملوا في بعض القراءات:((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ))، (وربيون) نسبة إلى الرب، يعني: ربانيون، أعمالهم لله سبحانه وتعالى، والنتيجة مع أنهم قتلوا ومع أنهم حصل لهم ضرر دنيوي قال:{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[آل عمران:١٤٦].
يعني: نفوسهم ليست ضعيفة تنكسر عند أول الهزيمة، أو أول نكبة تحصل، أو حتى ثاني أو عاشر أو مائة؛ لأن المسلم إذا كان متعلقاً بالله عز وجل فإنه يكون في غاية الثقة، وفي غاية القوة، وفي غاية العزة، وفي غاية الشموخ، حتى ولو كان عدوه في الظاهر هو المنتصر؛ لأن الانتصار الحقيقي هو أن يثبت الإنسان على دينه، وأن يثبت على مبدئه، يواجه عدوه بشجاعة ورجولة، ويؤدي دوره الواجب عليه نحو هذا الدين، ونحو هذه الأمة، وأن يصلح قدر ما يستطيع، وأما الأمور الدنيوية مثل تحطيم البيوت، أو قتل الأطفال، أو قتل النساء، أو نقص المياه والأغذية والصحة ونحو ذلك كل هذه لا تضعف المسلم، صحيح أن هذا أمر يؤلمنا عندما يحصل للمسلمين، لكن كما قلت: إن هذا لا يضعف المسلم، ولهذا لو رأيتم البشارات العظيمة التي تحملها مثل هذه الأزمات لتعجبتم، بشارات عظيمة جداً تحملها هذه الأزمات، من أعظمها: انكشاف العدو بالنسبة للمسلمين، هذا في حد ذاته يعتبر ربحاً ومكسباً؛ لأن كثيراً من الصالحين كانوا من خلال خطبهم، ومن خلال دروسهم، ومن خلال برامجهم التي يقدمونها للناس يقولون: لا تصدقوا الدعاية الأمريكية الكاذبة التي تقول: نحن جئنا لراحة الإنسانية، ونحن جئنا لتقديم الحريات لهم، وكان هناك بعض المنتسبين إلى الإسلام ممن يشارك في تثقيف المسلمين ثقافة الهزيمة، كان لهم مجال يتكلمون، لكن الآن ليس لهم مجال، حتى هؤلاء المتأمركون أصبحوا ينتقدون أمريكا؛ لوضوح وانكشاف القضية بشكل كبير.
فهذه الصحوة ولله الحمد التي انتشرت في المسلمين تحتاج إلى دعم وتنشيط أكثر، وتحتاج إلى بذل أكثر، وعمل أكثر، وحقيقة أن كثيراً من الناس عندما يجد مشكلة من المشكلات لا يعالجها إلا بشيء واحد يضعه في ذهنه وهو قتال هؤلاء، أقول: صحيح أن قتال هؤلاء يقف على رأس العلاج لمثل هؤلاء، لكن لا يعني هذا أنه هو الحل الوحيد، هناك حلول أخرى، نحن نعيش في أمة ما زال كثير من أبنائها في غفلة، أنتم تلاحظون كم عدد الشباب الذين يتركون الصلاة مثلاً! كم عدد الشباب الذين يغفلون عن حقوق الله سبحانه وتعالى! كم عدد الشباب الذين أصبحوا فريسة للخبث والخناء والفجور والفساد الأخلاقي الذي ينشره هؤلاء الغربيون، كثير جداً من أبنائنا نحن المسلمين بحاجة إلى أن ندعوهم إلى الله، إلى أن نصلحهم، ونجتهد في أن نربطهم بالله عز وجل أكثر وأكثر، أسأل الله عز وجل أن يوفقني وإياكم لكل خير إنه على كل شيء قدير.