الأمر الخامس: أن يحرص طالب العلم على احترام العلماء وتقديرهم، وأن يدعو لأهل العلم، وأن يحرص على الاستفادة منهم، وأن يجتهد في التلقي عنهم، وفي استشارتهم، فإن لأهل العلم منزلة عظيمة، وهذه المنزلة التي لأهل العلم جاءت بسبب العلم الذي يحملونه، ولهذا يقول الله عز وجل:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١].
فأهل العلم في رفعة عالية، فيجب على طالب العلم أن يشعر برفعتهم، وأن يستفيد منهم، وأن يتعلم على أيديهم، فطالب العلم لا يمكن له أن يتعلم لوحده، ولا يمكن له أن يتعلم عن طريق الكتب، ولهذا كان بعض السلف يقول: لا تطلب العلم على الصحف، ولا تأخذ القرآن على مصحف.
لا تطلب العلم على الصحف، أي: لا تطلب العلم على شخص يقرأ في الصحف فقط، (ولا تقرأ القرآن على مصحف) أي: شخص يعتمد على القراءة بالمصحف فقط، وإنما هذا العلم يؤخذ من أفواه الرجال.
ويمكن أن تراجع آداب طالب العلم في كتاب العلم في صحيح البخاري، ومقدمة سنن أبي داود، ومقدمة سنن ابن ماجة، ومقدمة صحيح مسلم، وأيضاً يمكن أن يُرجع إلى كتاب العلم لـ أبي خيثمة زهير بن حرب رحمه الله، وأيضاً إلى آداب المعلمين والمتعلمين لـ محمد بن سحنون المالكي، الإمام المشهور في مذهب الإمام مالك، وأيضاً يمكن أن يرجع إلى كتابين عظيمين لعالمين توفيا في سنة واحدة، أحدهما عالم في المغرب، والآخر عالم في المشرق، أما عالم المشرق فهو أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي رحمه الله، له كتاب اسمه: الجامع في أخلاق الراوي وآداب السامع، والثاني عالم المغرب هو أبو عمر يوسف بن عبد البر القرطبي رحمه الله تعالى، وله كتاب اسمه: جامع بيان العلم وفضله، وكلا هذين العالمين عالم المشرق وعالم المغرب توفيا في سنة أربعمائة وثلاث وستين.
وهناك كتب كثيرة متعددة من أبرزها في العصر الحديث: حلية طالب العلم، للشيخ العلامة المحقق بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى ورعاه.