[ضرورة تحقيق توحيد الألوهية]
من القواعد المتعلقة بتوحيد الألوهية: أن توحيد الألوهية هو أعظم أعمال القلب التي ينبغي على الإنسان أن يحصلها، فتوحيد الألوهية هو محبة الله، والخوف من الله، ورجاء الله، والثقة بالله سبحانه وتعالى، وتعظيم الله سبحانه وتعالى، ولهذا ينبغي على الإنسان أن يحصل هذه المقاصد العظيمة، وهذا يدعونا إلى الإشارة إلى أن توحيد الألوهية يزيد وينقص، فليس كل المسلمين على درجة واحدة في هذا التوحيد، فهو مثل الإيمان يزيد وينقص، يزيد بطاعة الله عز وجل، ومعرفة حقه، والتعلق به، ومحبته، والخوف منه، والإنابة إليه، والثقة به، فهذا يكون إيمانه وتوحيده عالياً.
وأما من ضعف توحيده وضعفت محبته لربه، وضعف خوفه من الله سبحانه وتعالى، وضعف توكله واعتماده على الله، وضعف إيمانه فإنه يكون حينئذ توحيده ضعيفاً أيضاً.
ولهذا يا إخواني! مع الأسف وقد سبق أن نبهت على هذه المسألة: وهي أن كثيراً من الدارسين لأمور العقيدة تجدهم يركزون على الأركان والشروط، والأنواع، والأدلة، ونحو ذلك، وهذا أمر طيب ومطلوب، وهو سبب في حفظ الدين الصحيح واستمراره إلى قيام الساعة بإذن الله تعالى، وهذه من مميزات وخصائص هذه الأمة، لكن هذا وحده ليس كل العقيدة، بل العقيدة يدخل فيها علو الإيمان، وقوة التوحيد، عن طريق محبة الله، والخوف من الله، والتعلق بالله سبحانه وتعالى، والثقة بنصر الله، انظروا إلى كثير من المسلمين اليوم ونحن جزء منهم، ممن لم يقارف ولله الحمد في الظاهر أعمالاً شركية، مثل: الطواف حول القبور، والذبح لغير الله، ونحو ذلك، لكن مع ذلك تجد محبته لله فيها ضعف، وخوفه من الله فيه ضعف، وتوكله على الله عز وجل فيه ضعف، وثقته بالله فيها ضعف، وتجد كثيراً من الناس عندما يرى تكالب الأعداء، ويرى قوة أهل الباطل يضعف يقينه بالله سبحانه وتعالى، بل بعضهم ربما شعر باليأس، بل ربما زاد بعضهم إلى درجة الشك في نصرة هذا الدين، مع أن من العقائد الأساسية في دين الإسلام تصديق خبر الله عز وجل فيما يتعلق بانتصار هذا الدين، ولهذا لابد من تجديد الثقة وتجديد الإيمان وتجديد العقيدة في نفوسنا، لأننا نجد بعض طلاب العلم قد يحسن تقرير مسائل العقيدة من ناحية التقرير النظري، وتفصيل المسائل، وترتيبها، وذكر القواعد والشروط والموانع والقوادح وما يتعلق بهذه المسائل، إلا أنه من حيث التطبيق العملي لتوحيد الألوهية والإيمان ضعيف، فتجد أنه يمكن أن يعصي الله عز وجل بسهولة، وتجد أن محبته لله عز وجل فيها ضعف، وتجد أن ثقته بالله عز وجل ضعيفة، ولهذا يا إخواني! نحن بحاجة إلى أن نربط كل شئون الحياة بهذه العقيدة، حتى مجال الأخلاق؛ لأن كثيراً من الناس يتصور أن الأخلاق ليست مرتبطة بالعقيدة، ويتصور أن العقيدة هي مسائل نظرية وأبواب معينة محددة موجودة في الكتب فقط، لا، الأخلاق مرتبطة بالعقيدة ارتباطاً وثيقاً، فالثقة بنصر الله والصبر، وما يتعلق بالشجاعة ونحو ذلك كلها مرتبطة بالعقيدة.
نحن بحاجة إلى التفكير دائماً في مسألة أخلاق الأزمات، هذا الموضوع يمكن أن أطرحه عليكم، وأتمنى في اللقاء القادم من كل واحد من الإخوة أن يذكر خلقاً من الأخلاق، أو يذكر مجموعة أخلاق ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في وقت الأزمات؛ لأنه عندما تحصل أزمة من الأزمات، أو مشكلة من المشكلات في بلاد المسلمين، فإن هناك مجموعة من الأخلاق الضرورية والأساسية التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في هذه الأزمات، وهذه الأخلاق وهذه الآداب التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في هذه الأزمات نحن بحاجة إلى أن نكتبها.
أنا أذكر لكم مجموعة مثلاً منها: الصبر، عندما تحصل أزمة، والأزمة طبيعتها فيها شدة وفيها ابتلاء، قد يكون فيها قتل، وقد يكون فيها أذى، ولهذا نحن بحاجة إلى الصبر، والصبر ليس صبراً سلبياً، يعني: أن يتحمل في نفسه فقط، لا، بل الصبر على رفع الأزمة، والصبر على رفع الأزمة يحتاج إلى عمل، ويحتاج من الشخص أن يكون إيجابياً.
من الأخلاق مثلاً في الأزمات: الشجاعة، ألا يكون الإنسان ضعيف القلب، وأنه بمجرد حصول أزمة من الأزمات ينهار مباشرة.
من أخلاق الأزمات: الزهد في الدنيا؛ لأن التعلق بالدنيا هو سبب الانهيار في الأزمات، فمثلاً: عندما يكون كل شيء موجود في حياة الإنسان، وفجأة يفقد هذه الدنيا، فإنه ينهار مباشرة، لكن عندما يكون لديه خلق عظيم وهو الزهد، ويتعامل مع الدنيا على أنها في اليد، ثم بعد ذلك إذا زالت عنه فإنه لا يحزن وإنما يؤمن بقضاء الله وقدره، وهذا يدعونا إلى إشارة أخرى وهي الإيمان بالقضاء والقدر فيما يتعلق بالأزمات.
ومن أخلاق الأزمات: الأمانة، فنحن عندما تحصل أزمة من الأزمات نحتاج إلى وجود أمانة، وينبغي للمسلم أن يحافظ على أمانته، وأن يكون أميناً فيما يتعلق بأمور المسلمين.
أيضاً من أخلاق الأزمات: أن يكون الإنسان إيجابياً فيما يتعلق بمصالح المسلمين، يعني: لا يكون شخصاً لا ينظر إلا إلى نفسه، بعض الناس ينظر إلى نفسه، أنا التقيت بأحد الشباب الأذكياء أصحاب الفطنة، يقول: والله يا أخي! لو صا