الشرط الثاني: العلم، وضده الجهل، ومعناه: أن يعلم الإنسان معنى شهادة أن لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى.
فلو أنه جهل معناها، وظن أن معناها: لا خالق إلا الله، فإنه يكون قد نقض هذا الشرط، وهذا يدعو إلى الإشارة إلى أمر خطير جداً، وهو أن كثيراً من الدراسات مع الأسف وبعض الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى يقررون للناس في دروسهم ومحاضراتهم ومجالسهم أن لا إله إلا الله معناها: لا خالق إلا الله، فتجد أنه إذا شرح لا إله إلا الله يبدأ ويتكلم عن خلق الكون، وتدبير الكون، وأنه لا مدبر إلا الله، ولا خالق إلا الله، وأنه لا يمكن لأحد أن يؤدي أي شيء إلا بالله عز وجل، وينسى جانب العبادة، وأن معنى لا إله إلا الله هي مباشرة في توحيد العبادة، وأن المطلوب من العبد هو إفراد الله بالعبادة، فلو أنه علم أن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمميت، وأنه لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا محيي إلا الله، ولا مميت إلا الله، لكنه مع ذلك لم يفرد العبادة لله، وأشرك مع الله فإن ذلك لا ينفعه، بل لابد أن ينضاف إليه اعتقاد وعمل العبادة لله عز وجل دون غيره.
ولهذا كان المشركون يعتقدون أن الله هو الخالق وحده، والرازق والمحيي والمميت، وكانوا يعبدون هذه الأصنام من أجل أن تقربهم إلى الله عز وجل، ويعتقدون أن لها مكانة عند الله، واللات التي كانوا يعبدونها هي باسم رجل كان يلت السويق على صخرة في الطائف ويقدمه للحجاج، وكان رجلاً فاضلاً كريم الخلق، فلما مات عكفوا على قبره، واعتقدوا البركة فيه، واعتقدوا أن هذا رجل له مكانة عند الله، فأصبحوا يتعبدون له، ويتوقعون أنه سيشفع لهم عند الله، وأن الله عز وجل سيقبل هذه الشفاعة، فصارت العبادات لهذا اللات الذي كان يلت السويق وليست لله سبحانه وتعالى.
مع أنهم كانوا يعتقدون أن الخالق هو الله، والرازق هو الله، ويعظمون البيت، ويطوفون به، ويقولون: نحن الحمس، يعني: حماة البيت، وكانوا يحجون ويذهبون إلى منى ومزدلفة، وكانوا يذبحون لله، وينحرون لله عز وجل، ولم ينفعهم ذلك بشيء لما أشركوا غير الله عز وجل.
إذاً: لابد من العلم بلا إله إلا الله، يقول الله عز وجل:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد:١٩].