للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخرة تندفع بالتوبة قبل القدرة وبعدها. (١)

٤ - واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - للسارق حين قطعه: "تب إلى الله" (٢)،

حيث أمره بالتوبة فدل على اشتراطها. (٣)

القول الثالث: التفصيل في المسألة: فما كان من حقوق الله تعالى فإنه يطهر منها بإقامة الحد عليه، وحق المخلوق يبقى، فارتكاب جريمة السرقة مثلاً، يطهر منه بالحد، والمؤاخذة بالمال تبقى.

وهذا اختيار: الشنقيطي (٤)، ونقله الآلوسي عن النووي (٥).

ويَرِدُ عليه: أنَّ في حديث عبادة - رضي الله عنه - ما هو من حق الله تعالى، وحق المخلوقين؛ كالسرقة، ونحوها، ولم يفرق بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويرد عليه أيضاً: أنَّ فيه تخصيصاً لعموم حديث عبادة - رضي الله عنه -، من غير دليل. (٦)

القول الرابع: التوقف: حيث ذهب آخرون إلى التوقف في ذلك، فلا يُحكم بأن الحدود كفارة، ولا بعدمه؛ وذلك لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أدري الحدود كفارات لأهلها، أم لا". (٧)


(١) انظر: فتح الباري، لابن رجب (١/ ٧٤)، وفتح الباري، لابن حجر ((١/ ٨٦).
(٢) عن أبي أمية المخزومي - رضي الله عنه -: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِلِصٍّ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ ثُمَّ جِيئُوا بِهِ. فَقَطَعُوهُ ثُمَّ جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ لَه: قُلْ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ".

أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الحدود، حديث (٤٣٨٠)، والنسائي في سننه، في كتاب قطع السارق، حديث (٤٨٧٧)، وابن ماجة في سننه، في كتاب الحدود، حديث (٢٥٩٧). وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص (٣٥٨)، حديث (٤٣٨٠)، وضعيف سنن النسائي، ص (١٦١)، حديث (٤٨٢٩).
(٣) انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر، للهيتمي (٢/ ٣٦١).
(٤) أضواء البيان، للشنقيطي (٣/ ٤٢٩).
(٥) روح المعاني، للآلوسي (٦/ ٣٧٩).
(٦) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٥/ ١٤٢).
(٧) رُوي هذا الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: من طريق معمر، عن أبن أبي ذئب، عن =

<<  <   >  >>