للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقول: ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أَنَّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه" فسمعنا وأطعنا، ولا نزيد على هذا". اهـ (١)

وكذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز لما سُئِلَ عن الجمع بين الآية والأحاديث، فأجاب: "ليس هناك تعارض بين الأحاديث والآية .... ، فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر، ومن حديث المغيرة وغيرهما في الصحيحين، وليس في البخاري وحده، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الميت يعذب بما يناح عليه"، وفي رواية للبخاري: "ببكاء أهله عليه" .... ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم، وأن يتحلوا بالصبر ويكفوا عن النوح .... ، فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله، والله أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة، وهذا مستثنى من قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: ١٦٤]؛ فإنَّ القرآن والسنة لا يتعارضان، بل يصدق أحدهما الآخر، ويفسر أحدهما الآخر؛ فالآية عامة والحديث خاص، والسنة تفسر القرآن وتبين معناه؛ فيكون تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من الآية الكريمة، ولا تعارض بينها وبين الأحاديث". اهـ (٢)

ولابن قتيبة رأيان في المسألة:

الأول: موافقة عائشة رضي الله عنها، كما سيأتي.

والثاني: أَنَّ الآية خاصة في أحكام الدنيا.

قال ابن قتيبة: "وأما قولهم كيف يُعذَّب الميتُ ببكاء الحي، والله تعالى يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)؟ فإنا أيضاً نظن أَنَّ التعذيب للكافر ببكاء أهله عليه، وكذلك قال ابن عباس (٣) إنه مرَّ بقبر يهودي فقال: إنه يعذب وإن أهله ليبكون عليه؛ فإن كان كذلك فهذا مالا يُوحِش؛ لأن الكافر يُعذب على كل


= وتقبيحه، وهو قول الكرامية والمعتزلة، وهو قول أكثر الطوائف من المسلمين، واليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، وكثير من الشافعية والمالكية والحنبلية ينفون ذلك، وهو قول الأشعرية".
(١) نيل الأوطار، للشوكاني (٤/ ١٢٧ - ١٢٨).
(٢) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لابن باز (١٣/ ٤١٧ - ٤١٩).
(٣) كذا في الأصل، والصواب عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>