للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدنيا. (١)

وأجاب أصحاب هذا المذهب عن الآية:

بأنها عامة، والحديث مُخصص لعمومها، والسنة تُخصص عموم القرآن على الصحيح. (٢)

قال الشوكاني: "وأنت خبير بأنَّ الآية عامة; لأن الوِزْرَ المذكور فيها واقع في سياق النفي، والأحاديث المذكورة مشتملة على وِزْرٍ خاص، وتخصيص العمومات القرآنية بالأحاديث الأحادية هو المذهب المشهور الذي عليه الجمهور (٣)،

فلا وجه لما وقع من رد الأحاديث بهذا العموم، ولا ملجأ إلى تجشم المضايق لطلب التأويلات المستبعدة باعتبار الآية .... ، والأحاديث التي ذُكِرَ فيها تعذيبٌ مختصٌ بالبرزخ، أو بالتألم، أو بالاستعبار - كما في حديث قيلة (٤) (٥) - لا تدل على اختصاص التعذيب المطلق في الأحاديث بنوع منها; لأن التنصيص على ثبوت الحكم لشيء بدون مشعر بالاختصاص به لا ينافي ثبوته لغيره، فلا إشكال من هذه الحيثية، وإنما الإشكال في التعذيب بلا ذنب، وهو مخالف لعدل الله وحكمته، على فرض عدم حصول سبب من الأسباب التي يحسن عندها في مقتضى الحكمة، كالوصية من الميت بالنوح، وإهمال نهيهم عنه، والرضا به، وهذا يئول إلى مسألة التحسين والتقبيح والخلاف فيها بين طوائف المتكلمين معروف (٦)،


(١) انظر: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (٢٣١ - ٢٣٢)، وسبل السلام، للصنعاني (٢/ ٢٣٨).
(٢) انظر: إكمال إكمال المعلم، للأبي (٣/ ٣٢٥).
(٣) مذهب الأئمة الأربعة، وجمهور العلماء، من متكلمين وفقهاء: جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد، وهناك أقوال أخرى في المسألة، انظرها في: التمهيد، لأبي الخطاب (٢/ ١٠٦)، والمستصفى، للغزالي (٢/ ١١٤)، والمحصول، للرازي (١/ ١٢١)، والإحكام، للآمدي (٢/ ٣٢٢)، وروضة الناظر، لابن قدامة (٢/ ٧٢٨).
(٤) هي: قَيْلة بِنْت مَخْرَمة الغَنَوِيّة، وقيل العنزية، وقيل العنبرية، وهو الصحيح، والعنبر من تميم، هاجرت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حريث بن حسان وافد بني بكر بن وائل. انظر: أسد الغابة، لابن الأثير (٥/ ٣٨٢)، والإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (٨/ ٨٣).
(٥) سيأتي تخريجه.
(٦) قال شيخ الإسلام ابن تيمية، في مجموع الفتاوى (٨/ ٤٢٨): "وأما مسألة تحسين العقل وتقبيحه ففيها نزاع مشهور بين أهل السنة والجماعة من الطوائف الأربعة وغيرهم؛ فالحنفية وكثير من المالكية والشافعية والحنبلية يقولون بتحسين العقل =

<<  <   >  >>